لجنة أممية تنظم حدثا افتراضيا يبحث "الفصل العنصري، القانون الدولي والأرض الفلسطينية المحتلة"
في حلقة نقاش افتراضية بتنظيم من لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، تطرق مشاركون إلى تقرير منظمة العفو الدولية (آمنستي) الذي صدر في وقت مبكر من هذا العام والذي ربط الممارسات والسياسات الإسرائيلية بنظام الفصل العنصري.
وقد صدر تقرير منظمة العفو الدولية بعنوان "الفصل العنصري الإسرائيلي ضد الفلسطينيين: نظام هيمنة وحشي وجريمة ضد الإنسانية" في شباط/فبراير 2022 حيث شاركت المنظمة نتائجها واستنتاجاتها فيما يتعلق بالسياسات والممارسات الإسرائيلية.
وقد نظمت لجنة فلسطين حدثا افتراضيا بعنوان "الفصل العنصري، القانون الدولي والأرض الفلسطينية المحتلة"، بحث ردود الفعل التي ولّدها التقرير، وسبل المضي قدما.
إنهاء الاحتلال أساسي لإنهاء الصراع
في بداية الحدث، قال رئيس لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، السفير السنغالي شيخ نيانغ، إن اللجنة ترفع الوعي على الصعيد العالمي بشأن قضية فلسطين، بما في ذلك التحديات اليومية التي يواجهها الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت الاحتلال.
وتنخرط اللجنة مع منظمات المجتمع المدني في الأرض الفلسطينية المحتلة وإسرائيل وغيرها.
وتابع يقول: "على مدار عدة سنوات الآن، أعادت الجمعية العامة ومجلس الأمن والأمين العام ولجنتنا أيضا التأكيد على أن إنهاء التمييز والاحتلال الإسرائيلي المستمر ضد الفلسطينيين أساسي لوقف الصراع، مع التشديد على الحاجة لمساءلة إسرائيل - السلطة القائمة بالاحتلال."
وأوضح أن التهجير القسري والهدم وبناء المستوطنات وتوسيعها، وعنف المستوطنين وحصار غزة كل ذلك يرسخ الاحتلال ويساهم في تكرار حدوث دورات العنف التي تؤثر على الفلسطينيين والإسرائيليين.
وقال: "في تقريرها الأخير ، توصلت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وإسرائيل، إلى نتيجة مماثلة."
وأشار إلى أن العديد من منظمات حقوق الإنسان، بما في ذلك "بيتسلم" في إسرائيل و"الميزان" و"الحق" في فلسطين وغيرهما، وآمنستي، وهيومان رايتس ووتش، كلها توصلت إلى أن الممارسات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية تتوافق مع تعريف جريمة الفصل العنصري.
رياض منصور: الفصل العنصري موجود
من جانبه، قال مراقب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، في كلمته عبر تقنية الفيديو، إنه إذا ما تم النظر فيما يحدث بطريقة موضوعية، فسيتم التوصل إلى أن إسرائيل ترتكب جريمة الفصل العنصري.
وقال: "إذا استخدمتم وجهة النظر التاريخية، وقارنتم (ما يجري) مع ما حدث في جنوب أفريقيا، لتوصلتم إلى أن إسرائيل مسؤولة عن الأبرتهايد، ليس من باب الصدفة أن نظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا كان من أقرب حلفائها. إذا أشرتم إلى الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها، إسرائيل ترتكب جريمة الفصل العنصري، إذا لجأتم إلى نظام روما الأساسي، فإسرائيل مذنبة بارتكاب جريمة الفصل العنصري."
وأضاف أن الآن في الأرض الفلسطينية المحتلة، يوجد احتلال عسكري، ونظام استعماري وواقع فصل عنصري. "الإقرار بهذا الواقع لا غنى عنه في معالجته."
نقاش حول تقرير آمنستي
شارك في الحدث الافتراضي زيد رعد الحسين، رئيس معهد السلام الدولي، والذي شغل منصب المفوض السامي لحقوق الإنسان بين عامي 2014-2018، وبحث مع الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنياس كالامار نتائج التقرير.
وقد أظهر التحقيق الذي أجرته منظمة العفو الدولية في شباط/فبراير 2022 أن إسرائيل تفرض نظاما من القمع والهيمنة ضد الفلسطينيين في جميع المناطق الخاضعة لسيطرتها: في إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة، وكذلك ضد اللاجئين الفلسطينيين، من أجل مصلحة اليهود الإسرائيليين. ويرقى هذا النظام إلى مستوى الفصل العنصري، الذي يحظره القانون الدولي بحسب المنظمة.
وقال السيد رعد إن التقرير لاقى ترحيبا بشكل عام لدى مجتمع حقوق الإنسان دوليا، لكنه تعرض لانتقادات بسبب "استهداف إسرائيل" والبعض قال إنه "غير متوازن" ولا يتطرق بشكل كبير إلى "الزاوية الأمنية ومخاوف إسرائيل."
ووجه سؤاله إلى السيدة كالامار بشأن تركيز التقرير على الفلسطينيين داخل إسرائيل أو ما يُعرف بالخط الأخضر، وقال: "قررت منظمة العفو الدولية ليس فقط التركيز على الأرض الفلسطينية المحتلة، ولكن على إسرائيل أيضا. وأود أن أبدأ النقاش بسؤالك لماذا؟".
وعن ذلك بدأت السيدة كالامار بالتعريف بنظام الفصل العنصري وما ينضوي تحته، وقالت: "الفصل العنصري هو نظام يتشكل من قوانين وسياسات وممارسات، وهي جريمة ترتكب بفعل معيّن."
وأشارت إلى أن مجموعة عرقية واحدة ترتكبه ضد أخرى، مع نيّة إبقاء ذلك النظام مترسخا.
وأضافت تقول: "إن الإجابة على سؤالك موجودة في داخل التعريف. إنه لمن السخيف من الناحية العملية والقانونية والتجريبية والتاريخية القول إن تقسيم إسرائيل للأراضي، وإنشاء نظام قانوني مختلف، ليس جزءا من نظام الفصل العنصري."
وأشارت إلى بدو النقب، فمنذ عام 1948 اعتمدت السلطات الإسرائيلية سياسات متعددة لما يسمى بتهويد تلك المناطق، من بين ذلك تخصيص تلك المناطق للتدريب العسكري على سبيل المثال، وزيادة عدد السكان اليهود.
"هناك حاليا 35 قرية، فيها حوالي 68 ألف شخص، غير معترف بها في إسرائيل. لقد زرت بعض هذه القرى، هي لا تتعرض بشكل واضح للتمييز فيما يتعلق بالوصول إلى الخدمات الأساسية وحسب، بل يعيش سكانها في خوف دائم من هدم منازلهم ومصادرة أراضيهم."
كما أضافت أنها زارت حي الشيخ جراح في القدس، واصفة ما يحدث بمحاولة واضحة من قبل السلطات لدعم وتعزيز الاستيلاء غير القانوني على المنازل والمجتمعات.
انتقادات بشأن "استهداف إسرائيل"
وطلب زيد رعد الحسين توضيحا من كالامار بشأن بعض الانتقادات من أن التقرير لم يكن متوازنا ولم يعطِ اهتماما كبيرا لمخاوف إسرائيل الأمنية.
فأوضحت كلامار أن آمنستي كانت ملتزمة بالنظر في القضايا الأمنية، "لكن لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تبرر تلك المخاوف الأمنية وجود نظام أبرتهايد."
وشارك زيد رعد الحسين تجربته الشخصية حيث اتُهم بمعاداة السامية، عندما علّق على "الوضع المروّع" في غزة، وأقرّ بأنه كان بإمكانه فعل المزيد كمفوض سامٍ لحقوق الإنسان للتركيز على معاداة السامية.
وتابع يقول: "لكن هذا لا يجب أن يستبعد انتقاد سياسات أي بلد سواء كانت سياسات إسرائيل والإفلات من العقاب عندما تتعلق بجرائم مرتكبة- لدينا قضية شيرين أبو عاقلة المخيفة والمحزنة."
وفيما يتعلق بالاتهامات بمعاداة السامية، قالت السيدة أنياس كالامار: "إنه واقع نحتاج أن نناضل ضده، وعبر توجيه تلك الاتهامات الغبية ضد أشخاص مثلك ومثلي، فإننا نناضل بلا كلل ضد الكراهية وخطاب الكراهية والعنف المدفوع بالعنصرية ومعاداة السامية."
ولفتت الانتباه إلى أن ذلك لا يعني أن المنظمة ستوقف انتقادها لإسرائيل. "أي محاولة للمساواة بين انتقاد إسرائيل ومعاداة السامية سيتم استنكاره من قبلنا بقوة قصوى، لكن الرقابة ليست الإجابة على معاداة السامية ولا إجابة للفصل العنصري."
التوصيات
أشار زيد رعد الحسين إلى التوصيات التي أرفقها تقرير آمنستي لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، وتساءل عن أي أمل موجود لتحقيق تلك التوصيات.
وقالت السيدة كالامار إن التحقيقات قالت كلمتها وأظهرت نتائجها: "ضمن القانون الدولي، هذا يضع المجتمع الدولي أمام الالتزام باتخاذ طائفة من الإجراءات، والكثير منها لم تُتخذ أو حتى لم يُنظر فيها."
وشددت على ضرورة أن تقوم الدول بمراجعة اتفاقيات التعاون مع إسرائيل للتأكد من أنها لا تساهم في الحفاظ على نظام الفصل العنصري هذا.
ودعت إلى حظر منتجات المستوطنات، وتعليق صفقات نقل الأسلحة إلى إسرائيل التي تساهم في ترسيخ نظام الفصل العنصري.
ولفتت الانتباه إلى أهمية تطبيق القانون الدولي بنزاهة، وإنهاء نظام الفصل العنصري الآن، على حدّ تعبيرها.
التعليقات
علِّق