كلّ طرف يقول إنه على حقّ : اشتعال " حرب " البيانات بين القضاء العسكري وهيئة الحقيقة والكرامة

بات معلوما أن وكالة الدولة العامة لإدارة القضاء العسكري قد اعتبرت في بلاغها الصادر يوم الخميس أن بث جلسات استماع حول احداث الرش يعدّ مخالفة لأحكام الفصل 109 من الدستور الذي يحجّر التدخل في سير القضاء مشيرة إلى أن هذه القضية منشورة لدى قلم التحقيق بالمحكمة الابتدائية العسكرية الدائمة بالكاف.
ودعت الوكالة كافة المتدخلين في الموضوع بما في ذلك الهيئات التعديلية إلى ضرورة تفعيل اختصاصاتها الرقابية والعقابية إن اقتضى الأمر واتخاذ كافة الاجراءات الضرورية وفق التشريع الجاري به العمل لضمان عدم الخوض في قضايا ما زالت منشورة .
ولا شك أن " القضية " لم تنته عند هذا الحد إذ تحركت هيئة الحقيقة والكرامة وردّت على القضاء العسكري مصرّة على أن القضاء العسكري هو المخالف لأحكام الدستور وأحكام العدالة الانتقالية .
وفي إطار هذا الردّ دعت هيئة الحقيقة و الكرامة أمس الجمعة القضاء العسكري الى ضرورة التخلي لفائدتها عن القضايا المنشورة أمامه والمتعلقة بـأحداث " الرش" لسنة 2012 عملا بقانون العدالة الانتقالية مؤكدة أن الجهة المتعهدة بالبحث في هذا الملف هي هيئة الحقيقة والكرامة وليس القضاء العسكري.
وذكرت الهيئة في بيان توضيحي أنها تلقت بخصوص تلك الأحداث التي جدت بولاية سليانة يوم 27 نوفمبر 2012 إثر احتجاجات واسعة نفذها مواطنو الجهة للمطالبة بالتنمية 21 ملفا (بما في ذلك ملفات جماعية) من بينها 16 ملفا في التحكيم والمصالحة.
وكانت وكالة الدولة العامة لإدارة القضاء العسكري قد انتقدت اعتزام الهيئة بث جلسات علنية حول تلك الاحداث واعتبرت أن في الأمر خرق لمبدإ سرية التحقيق ومساس بحقوق الأطراف.
وقالت الهيئة في هذا الصدد إن تلك التصريحات الصادرة عن إدارة القضاء العسكري جاءت خارقة للدستور في فصله 148 ولقانون العدالة الانتقالية مؤكدة أن الفصل 148 من الدستور يلزم الدولة بتطبيق منظومة العدالة الانتقالية وهو إلزام يسري على جميع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية أما الفصل 48 من قانون العدالة الانتقالية فإنه يعتبر القيام لدى الهيئة عملا قاطعا لآجال التقادم ويوقف نظر الهيئات القضائية في النزاعات المنشورة أمامها.
كما أكدت هيئة الحقيقة و الكرامة في بيانها التوضيحي أن الجهة القضائية التي تتعهد بمثل هذه الملفات طبقا للفصل 8 من قانون العدالة الانتقالية هي الدوائر القضائية للعدالة الانتقالية التي لها الاختصاص الحصري في النظر في الملفات المحالة عليها من الهيئة.
وفي هذا الإطار ذكّرت الهيئة القضاء العسكري بضرورة الاستجابة إلى طلباتها المتكررة للنفاذ إلى الملفات المنشورة أمامه التي تعهدت بها الهيئة ومنها تحديدا ملفات "الرش" و"شهداء الثورة وجرحاها" مؤكدة أنه لا يمكن مجابهة الهيئة بسرية التحقيق.
وقالت الهيئة في هذا الصدد إن الفصل 40 من قانون العدالة الانتقالية يمنح هيئة الحقيقة والكرامة صلاحية مطالبة السلط القضائية والإدارية والهيئات العمومية وأي شخص طبيعي أو معنوي بمدها بالوثائق أو المعلومات التي بحوزتهم وبصلاحية الاطلاع على القضايا المنشورة أمام الهيئات القضائية والأحكام أو القرارات الصادرة عنها . وعليه يجب على المحاكم العسكرية الامتثال للقانون والاستجابة لطلبات النفاذ إلى الملفات المنشورة لديه.
وبخصوص الجلسات العلنية حول أحداث " الرش " عبّرت الهيئة عن استغرابها من إصدار وكالة الدولة العامة لإدارة القضاء العسكري أول أمس الخميس بلاغ قالت فه إنها لم تحدد بعد برمجة جلسات الاستماع العلنية المقبلة.
ومن جهة ثانية أكدت الهيئة تمسكها بحقها في برمجة جلسات استماع علنية حول كل الانتهاكات المنصوص عليها في قانون العدالة الانتقالية والفترات الزمنية التي تغطيها أعمالها خاصة وقد سبق أن عقدت الهيئة جلسات علنية لمواضيع تتضمن ملفات ما زالت منشورة لدى القضاء حسب نص البيان التوضيحي.
وذكرت في هذا الشان بأن الفصل 38 من قانون العدالة الانتقالية ينص على أنه لا يحق لأي كان التدخل في أعمالها أو التأثير على قراراتها علما بأنها مطالبة بكشف حقيقة الانتهاكات بموجب الفصل 3 من قانون العدالة الانتقالية وفي هذا الإطار ينضوي عقد الجلسات العلنية .
التعليقات
علِّق