كارثة الرابطة : تصريحات باهتة وبعضها مستفزّ والخوف أن تضيع الحقيقة إلى الأبد

كارثة الرابطة : تصريحات باهتة وبعضها مستفزّ والخوف أن تضيع الحقيقة إلى الأبد


لو سألنا أي تونسي عن رأيه بعد تكوين لجنة للتحقيق في أمر ما لأجاب على الفور : " كن مطمئنّا فإن الحقيقة لن تظهر بل ستقبر..." . فقد تعوّد التونسيون على تكوين " لجان التحقيق " العديدة لكن ما من لجنة أنهت عملها وقدّمت تقريرها وبالتالي كشفت الحقيقة والأمثلة هنا كثيرة ولا فائدة في التذكير بها .
وبمجرّد أن سمع الناس بأنه تم تكليف لجنة للتحقيق في كارثة الرابطة اعتراهم اليأس كالعادة وباتوا على شبه قناعة من أن الحقيقة لن تظهر وأنها سوف تقبر " بفعل فاعل " مثلما قبرت قبلها حقائق لم تكن تحتاج عبقرية أو  جهود خارقة لإظهارها . ولعلّ ما يزيد من تخوّف التونسيين وبالأخص أهالي الأطفال الضحايا أن المؤشرات الأولية لا تبشّر بالخير وأولها كان تصريحات " السيدة فلفول " التي رأى فيها أغلب من استمع إليها مساء السبت استفزازا واضحا واستخفافا لا شيء يبرّره . بعد ذلك يأتي " السيد الدوعاجي " عضو لجنة التحقيق المكلفة مبدئيا بكشف الحقيقة  ليلة أمس ويقدّم تصريحات تدلّ على أنه " محايد جدّا " وبالتالي لا يرجى من ورائه ومن وراء لجنته أي أمل في كشف الحقيقة كما هي . ثم تأتي وزيرة الصحة بالنيابة اليوم لتقول إن أوزان الأطفال الرضّع لم تكن طبيعية وقد ولدوا قبل الأوان وكأن هذين العنصرين كافيين لقطع طريق الحياة على أي مولود يأتي إلى الحياة وهو ناقص وزنا  وأجلا . ويعرف العالم كلّه أن هناك  ملايين من الأطفال الذين يولدون قبل آجال ولادتهم الطبيعية وتكون أوزانهم أقل من أوزان هؤلاء الرضّع الذين " قتلوا " لكنهم يعيشون حياة طبيعية لأنهم ببساطة وجدوا من يحرص على حياتهم ولا يستخفّ بها .
وبالرغم من أن الوزيرة قالت إن كل من أخطأ سيحاسب فإن الأمل في كشف الحقيقة يبقى ضعيفا جدا لأن هذه العبارة التي استعملتها الوزيرة تم استعمالها من قبل عشرات المرّات لكن لم تتم محاسبة أي أحد أو أي طرف بل ( ومن مهازل الدهر) تمت ترقية الكثير ممّن تورّطوا في مسائل يرقى بعضها إلى أكثر من الجريمة .
وفي كافة الأحوال ورغم موجة اليأس والحزن الكبيرين فإن الأمل يبقى  في أن تكون عزيمة الوزيرة صادقة ومن ورائها الإرادة السياسية في كشف الحقيقة ومحاسبة المتسببين في الكارثة دون " حسابات " حتى لا نقول مرّة أخرى " على الدنيا السلام " وعلى منظومة الصحة العمومية  ألف رحمة وسلام .
ونختم هنا بالتذكير بذلك التصريح الشهير لوزير الصحة سابقا سعيد العايدي الذي قال يوم 7 جوان 2017 : " كل الفاسدين الذين أقلتهم عادوا إلى مناصبهم " ... ومرّ التصريح في الخفاء وها نحن نرى نتائجه .
جمال المالكي

التعليقات

علِّق