قطع البثّ المباشر وتحويله إلى أرضي : ممارسات تعيسة ومتخلّفة لم تزد ياسين العياري الاّ شعبية و " معرفة "

قطع البثّ المباشر وتحويله إلى أرضي : ممارسات تعيسة ومتخلّفة لم تزد ياسين العياري الاّ شعبية و " معرفة "

 

كنّا نظنّ ( وإن بعض الظن إثم ) أن بعض الممارسات التي ساهمت في تدمير العديد من الأشياء في هذه البلاد خلال عهدي بورقيبة وبن علي قد راحت وولّت إلى غير رجعة . لكن يبدو أن ما بالطبع لا يتغيّر حتى لو استعملنا معه أقوى العقاقير الموجودة في العالم .

وما حصل هذا الصباح  على القناة الوطنية الثانية  يدخل قطعا في هذا الإطار . فقد كانت هذه القناة ومنذ سنوات تبثّ ما يحدث في مجلس النواب بصفة مباشرة  وكان البث يتواصل أحينا أكثر من 12 ساعة أو ربما أكثر ... فما الذي حدث هذه المرّة حتى يتغيّر البث فجأة من الفضائي إلى الأرضي ؟. ولماذا اليوم بالذات ؟.
أما كيف ولماذا فهي واضحة وضوح الشمس ولا أعتقد أن عماد بربورة ( مدير القناة قبل إقالته منذ حين ) يستطيع أن يقنع أحدا بمن فيهم الأطفال بأن ما حصل صدفة أو سهو أو أي شيء من هذا القبيل . وحتّى لو قدّمنا حسن النيّة فإن باب التأويلات والاستنتاجات قد فتح على مصراعية  ولا يستطيع أحد ( لا عماد ولا غيره ) أن يغلقه . فالأمر يتعلّق بنائب جديد مثير للجدل جاء إلى المجلس ليؤدّي القسم . وكان من المفروض أن يتم نقل حضوره  وقسمه بالمجلس مباشرة  مثلما كان يحدث دائما . لكن أن ينقطع البث المباشر " فجأة " ويتحول إلى الشبكة الأرضية فهذا ليس له غير معنى واحد وهو أن هناك من لا يريد لياسين العياري أن يراه الناس ويسمعوه على نطاق واسع داخل تونس وخارجها .
وبقطع النظر عن الطرف الذي كان يريد ذلك فإن الأكيد  أن الفكرة وصلت وأن التونسيين عرفوا أنه يوجد اليوم وبعد 7 سنوات من تقويض نظام الظلم والاستبداد  والإقصاء  من لم يتخلّصوا بعد من ممارساته البالية السخيفة المتخلّفة . وبكل تأكيد أيضا أن النتيجة جاءت عكسيّة  فإذا بالشخص المراد إقصاؤه ( ياسين العياري )  يزداد في لحظات فقط شعبية  لدى الخاص والعام ويصبح حديث الساعة داخل تونس وخارجها .
ولأن التلفزة الوطنية مرفق عمومي يشترك كافة أفراد الشعب التونسي في ملكيّته  فإنه من العيب أن يتم التصرّف فيها كأنها " ملك السيد الوالد " . فبأي حق يأمر المدير أو غيره  " بإخفاء " ظهور ياسين العياري في البرلمان  لأول مرّة ؟. وهل إن  المدير ( أو غيره ممّن أعطوا الأمر ) وصيّ على خلق الله حتى  يمرر  ما يشاء ومن يشاء ويحجب ما يشاء ومن يشاء ؟.
باختصار شديد إن ما حصل مهزلة مدوّية بكافة المقاييس . وهو دليل إضافي على أن بعض العقول المريضة لا يمكن أن تشفى حتى لو خضعت إلى العلاج دهرا كاملا . تبقى ملاحظة مهمّة تدخل في إعطاء كل ذي حق حقه وهي سرعة التصرف وردة الفعل من قبل رئاسة المؤسسة ... التي لا نعتقد أنها سارعت بإقالة المدير هكذا لله وفي سبيل الله .
جمال المالكي

التعليقات

علِّق