قضية ابتزاز أطفال جنسيا : شهادات حية .. و هذا ما يقوله القانون ...
انتشرت على وسائل التواصل الإجتماعي في تونس صورة لشخص يشتبه في قيامه باستدراج أطفال قصّر عبر فيسبوك، واجبارهم على تصوير أنفسهم في أوضاع جنسية وابتزازهم.
و تمّ تداول لقطات شاشة (captures d’écran) لمحادثات بين المشتبه به مع ضحاياه، إضافة إلى تداول تسجيلات صوتية لشقيقة أحدهم، والتي تمكّنت من التفطّن إلى ابتزاز شقيقها وأطفالا آخرين جنسيا.
خولة شقيقة أحد الضحايا، البالغ من العمر 12 عاما، تحدّثت لموزاييك اليوم الإثنين 15 أفريل 2024، وأكّدت أنّها اعتادت التواصل بشكل يومي مع أخيها عبر تطبيق ميسنجر باعتبار أنّها تعيش خارج تونس، لكنّها لاحظت في الآونة الأخيرة تغيّرا في سلوك شقيقها خاصة بانشغاله بمكالمات في أوقات متأخّرة، وتجاهل مكالمتها او الردّ عليها باقتضاب بتعلّة أنّه مشغول مع أصدقائه.
وقالت خولة إنّها لم تكن مقتنعة كثيرا بتبريرات شقيقها، إلى أن قامت يوم عيد ميلاده بمشاركة صورة له على فيسبوك لتهنئته، لكن تعليقا ''غريبا'' على هذا المنشور استرعى انتباهها، لتساورها الشكوك قبل أن تتأكّد من أنّ شقيقها يتعرّض لابتزاز جنسي.
وأضافت أنّ المشتبه به، قام في مرحلة أولى بالاتصال بشقيقها على أساس أنّه أنثى وأرسل له صورة فتاة عارية، ليشجّع الطفل على التقاط صورة مماثلة وارسالها إليه، لتكون تلك الصورة وسيلته لابتزازه بعد أن كشف هويته الحقيقية.
وبمزيد من المتابعة توصّلت الشقيقة إلى معرفة تفاصيل أكثر واكتشفت أنّ هذا الرجل كان يسعى للايقاع بطفل آخر، والذي كان من أقارب عائلتها، وقامت بإبلاغ والدته. وتمكّنت هذه الأخيرة من استدراج هذا الرجل من خلال التواصل معه على أنّها الطفل، وقامت بتوثيق المحادثات معه والتي تضمّنت تفاصيل صادمة، قبل أن تتمكّن من توثيق محادثة عبر الفيديو عبر لقطات شاشة.
كما أكّد الناشط بالمجتمع المدني مجدي الكرباعي المقيم بإيطاليا في مداخلة هاتفية اليوم الإثنين 15 أفريل 2024، على موزاييك انّه تلقى اتصالات من عدّة جمعيات ومكاتب استشارات للتعبير عن استعدادهم لرفع قضية ضدّ تونسي مقيم في إيطاليا مشتبه به في ابتزاز أطفال واستغلالهم جنسيا في تونس.
ورجّح الكرباعي أن تكون شبكة دولية وراء هذا الشخص، المقيم بصفة غير شرعية في إيطاليا، وأنّه قد قام بأعمال مماثلة في إيطاليا وقد يكون عدد من ضحاياه قصّر وصلوا إلى إيطاليا بطريقة غير نظامية. وشدد الكرباعي على ضرورة تضافر جهود من جميع الأطراف المعنية في تونس وايطاليا للكشف عن شبكة كبيرة تنشط بين ايطاليا وتونس ودول أخرى. وأشار إلى اكتشاف أكثر من 300 فيديو لجرائم ابتزاز أطفال جنسيا في دول أخرى، ويبدو أنّ شبكة إجرامية واحدة تقف خلفها.
و من جانبه قال القاضي والدكتور في القانون، فريد بن جحا، في تعليقه على حادثة استغلال وابتزاز كهل يقيم في الخارج لقصر جنسيا، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إن هذه الجريمة تنضوي تحت اتفاقية "بودابست" لمحاربة الجرائم الالكترونية.
وأضاف في تصريح اليوم لـ"الجوهرة أف أم"، أن هذه الاتفاقية تُلزم جميع الدول باتخاذ التدابير التشريعية بخصوص إنتاج مواد إباحية لقصر وعرضها بغرض توزيعها وتلزم الدول المصادقة عليها، ومن بينها تونس، بوضع قوانين فعالة وعقوبات رادعة ضدّ مرتكبي هذه الجرائم والتصدي للجرائم الالكترونية العابرة للحدود وتسليم المجرمين في صورة أن الدولة لم تحاكم هذه الأطراف.
وتابع بن جحا: "وبما أن المُعتدي مقيم خارج التراب التونسي، فاستنادا لاتفاقية "بودابست"، فإن الدول تتعاون في التصدي للجرائم العابرة للحدود بما فيها الجرائم المتعلقة بأنظمة المعلومات الالكترونية ، كما أن المرسوم 54 لسنة 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال جاء بناء على طلب المصادقة على اتفاقية "بودابست" (الفصل 26 ينص على تطبيق عقوبات تصل إلى 6 سنوات سجنا وخطية مالية قدرها 50 ألف دينار ضد كل من يتعمد إنتاج أو عرض بيانات جنسية تظهر طفلا بصدد القيام بإيحاءات أو ممارسات جنسية أو يتعرّض لها".
كما أكد أيضا أن الفصل 34 من المرسوم عدد 54 لسنة 2022 يجيز أيضا للمحاكم التونسية تتبع محاكمة كل من ارتكب خارج التراب التونسي جريمة من هذه الجرائم بالرجوع إلى مجلة الإجراءات الجزائية، شريطة تقديم شكاية من المتضرّرين وعائلاتهم.
و بيّن بن جحا أن وزارة العدل في تونس تقوم بعد ذلك بمراسلة نظيرتها في البلد الذي يقيم فيه المُعتدي، مشيرا إلى أنه لا يمكنه الإفلات من التتبع إلى في صورة ثبوت محاكمته خارج التراب التونسي.
و تجدر الاشارة أن وزارة شؤون الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ قد أكّدت في بلاغ تحرّك الجهات القضائيّة والأمنيّة المختصّة للتحرّي والبحث والكشف عن حيثيّات منشور يتم تداوله عبر صفحات التواصل الاجتماعي حول شبهة إقدام كهل مجهول على استدراج أطفال قصّر عبر شبكة الأنترنات والتغرير بهم وإغوائهم وابتزازهم وتهديدهم.
وبينت الوزارة في بلاغ، ان مندوبي حماية الطفولة "يتابعون عن قرب حيثيّات هذه القضيّة للقيام بدورهم كاملا والتعهّد الفوري بالأطفال الضحايا حال التعرّف الدقيق على هويّاتهم وضمان مصلحتهم الفضلى طبقا للمقتضيات القانونيّة الجاري بها العمل ولما ستكشف عنه التحريّات الجارية".
ونفت الوزراة من جهة أخرى، تلقي مندوبي حماية الطفولة أيّ إشعار في هذا الخصوص.
التعليقات
علِّق