قرار تعريب لافتات المحلات التجارية قديم وموجود في الدستور فلماذا هذا الهجوم العنيف على النهضة بالذات ؟

قرار تعريب لافتات المحلات التجارية  قديم وموجود في الدستور فلماذا هذا الهجوم العنيف على النهضة بالذات ؟

وافق المجلس البلدي لتونس العاصمة  يوم 31 ديسمبر 2018  على قرار يلزم أصحاب المحلات التجارية بكتابة لافتاتهم باللغة العربية طبقا  للفصل 39 من الدستور التونسي . وهذا ما أكّده عضو المجلس البلدي وصاحب المبادرة أحمد بوعزّي من خلال " تدوينة " على حسابه الخاص على " فايسبوك " يوم 3  جانفي 2019 .
وأوضح أحمد بوعزّي أن هذا الإجراء يندرج  في إطار تأصيل الهوية العربية عند التونسيين وتأسيس الاستقلالية الثقافية موضّحا أن المخالفين سيعرّضون أنفسهم إلى غرامات مالية .
إلى هنا يبدو الخبر عاديّا . إلا أن ما تلاه من " أخبار أخرى " تصب في نفس السياق وما عقب ذلك من تعاليق يدعو حقّا  إلى الاستغراب . فقد شنّت حملات كبيرة على المجلس البلدي لتونس المدينة وخاصة على سعاد عبد الرحيم وأحمد بوعزّي إلى درجة أن أحد المواقع نشر مقالا تحت عنوان : " النهضوية  سعاد عبد الرحيم تجبر أصحاب المحلات على ... " . كما  بلغ  الجهل المعرفي بالبعض إلى حدّ نعت  أحمد بوعزّي  بأنه " نهضاوي " والحال أن الرجل لا علاقة له بالنهضة بل ينتمي إلى التيار الديمقراطي  الذي نعرف جميعا أنه لا يمكن أن  يكون لا من النهضة ولا تابعا للنهضة .
وبعيدا عن " الدفاع " عن سعاد عبد الرحيم ومن ورائها النهضة  لا بدّ من توضيح بعض الأمور انتصارا للحقيقة لا غير. فما ذهب إليه المجلس البلدي ورغم أنه ورد في دستور البلاد فهو ليس سوى قرار قديم يقول البعض إنه من عهد بورقيبة  وأنا شخصيّا متأكّد من أنه صدر أو أعيد إصداره في عهد بن علي وبدأ تطبيقه في فترة ما قبل أن ينسى أو يتم تجاهله . من جهة ثانية هل يمكن الحديث عن " إجبار " أصحاب المحلات التجارية  عندما يتعلّق الأمر بما جاء في دستور البلاد ولماذا لم يتكلّم المتكلّمون عندما صدر ذلك في الدستور ؟. وبالإضافة إلى ذلك نريد أن نسأل : هل إن هؤلاء المنتقدين معجبون بحال المحلات التجارية في كافة الأحياء " الراقية " والشعبية حيث أن المتجوّل فيها يكاد يشعر بأنه في فرنسا أو في إيطاليا من كثرة وجود لافتات مكتوبة إما بالفرنسية أو باللغة الإيطالية ؟.
وتبقى ملاحظة أخرى لا بدّ منها نقولها دون خلفيات وهي أن البعض صار " مختصّا " في مهاجمة  كل ما يأتي من طرف النهضة حتى لو كان ذلك من قبيل الإنجازات  التي تنفع البلاد والعباد لا لشيء لأن من قام بذلك ينتمي إلى النهضة . وهذا طبعا خطأ جسيم خاصة أننا ما زلنا لا نفرّق بين النقد المبني على مواقف موضوعية وبين الانتقاد المبني على أمور ذاتية بعيدة عن المنطق والمعقول .
ويبقى علينا أن نتعلّم أن المسؤول البلدي أو غيره من المسؤولين في هذه البلاد إنما تم انتخابه لخدمة الصالح العام . فإذا قام بواجبه نشكره ( رغم أنه لا يستحق شكرا على الواجب ) مهما كان انتماؤه وإذا قصّر في واجبه ننقده ونشهّر به إن لزم الأمر مهما كان أيضا انتماؤه .  أما  أن ننتقي من نشكر ومن " نشتم " وننتقد فهذا لا علاقة له بالصحافة  لا من قريب ولا من بعيد . فهل نستوعب الدرس ؟.
جمال المالكي
 

التعليقات

  • Soumis par فوزي (non vérifié) le 6 جانفي, 2019 - 15:13
    كلام موزون وموضوعي، بالمناسبة اشكركم على موقعكم المعرب الجديد، لكني اجد صعوبة في الدخول اليه، لاني يجب ان ادخل الوقع بالفرنسية ثم ألج للموقع بالعربية، كما ن موقعكم العربي ليس متاحا على اللوحات الهاتفية

علِّق