في مجلس نواب الشعب : عودة التطبيل والتهليل في مشهد يذكّر ببرلمان بن علي أو ربّما أتعس بكثير

في مجلس نواب الشعب : عودة التطبيل والتهليل في مشهد يذكّر ببرلمان بن علي أو ربّما أتعس بكثير

 

تابعنا يوم أمس الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب المخصصة للتصويت على منح الثقة لحكومة يوسف الشاهد الجديدة . ولعلّ ما لفت الانتباه أكثر في هذه الجلسة ذلك الكمّ الهائل من المديح والإطراء والشكر والثناء لرئيس الحكومة وأعضاء حكومته المغادرين والمعيّنين على حدّ سواء . ولئن يمكن فهم هذه الأمور عندما تأتي من نواب معيّنين تعوّدوا طوال حياتهم على المديح ولا يمكن إلا أن يكونوا كذلك فإن الغريب في الحكاية أن المسألة تكاد تكون عامة  باستثناء نواب الجبهة الشعبية ونواب التيار الديمقراطي وبعض النواب الآخرين الذين  لم يتخلّوا عن قناعاتهم وأدلوا بآرائهم حسب تلك القناعات .
وفي الجلسة المذكورة تحدّث " المدّاحون " عن نجاحات عديدة حققتها حكومة الشاهد وحققها وزراء أجمع العالم كلّه على أنهم فاشلون إلى درجة أننا خلنا أن هؤلاء النواب يتحدّثون عن حكومة أخرى في دولة أخرى .
وبطبيعة الحال نحن لا ننكر ولا أحد ينكر أن الشاهد شرع في تحقيق بعض النجاحات في بعض المستويات لكن كافة المؤشرات والأرقام التي لم يأت بها هذا الشعب من عنده تشير إلى أن ما يطمح إليه الشعب شيء وما تحقق شيء آخر بعيد كل البعد عمّا يجب أن يكون .

ولعلّ ما قاله النائب عن حركة النهضة ماهر المذيوب في كلمته خلال تلك الجلسة  من "  تثمين المجهودات التي يبذلها رئيس الحكومة " وشكر ليوسف الشاهد الذي قال عنه حرفيا :
" يوسف الشاهد رئيس حكومة شاب ديمقراطي في جيناته وجرّب فصّح وليس من السهل تحقيق نجاحات في الظرف الصعب الذي تعيشه البلاد " خير دليل على أن المصالح تشابكت في المجلس إلى درجة أن الكثير من النواب (وخاصة من حركة النهضة ) المعروفين بالنقد اللاذع للحكومات السابقة قد أصبحوا أكثر وداعة مع الحكومة من أكبر مناصريها . وأصبح هؤلاء النواب لا يجدون أي حرج في الحديث عن النجاحات الكبرى  متحدّين الواقع الذي يقول إن البلاد تعيش واحدة من أصعب الفترات في تاريخها .
وليس ماهر المذيوب وحده من مدح الحكومة ورئيس الحكومة إذ شارك في العكاظية التي انتظمت أمس في المجلس نواب كثيرون منهم سفيان طوبال الذي قال لنا إن نظام حكم بن علي لم يكن سيّئا بدليل أنه حقق نجاحات اقتصادية نتمنى اليوم أن نصل إلى تحقيق مثلها . كما مدحت النائبة هالة عمران وزراء الشاهد الجدد والقدامى وكتاب الدولة ودعت إلى محاكمة زملائها  الذين " هاجموا الحكومة " وانتقدوها بشدة .
وباختصار شديد ومع التحالف القوي الذي قام به النداء والنهضة والوطني الحر وآفاق تونس من أجل تزكية أعضاء الحكومة الجدد بأغلبية ساحقة  تذكّرنا المشهد السائد في نظام بن علي حيث كانت كافة القرارات تمرّر في مجلس النواب بصفة " ديمقراطية جدا " حيث يتم التصويت بالأغلبية المطلقة في ظل انخرام كبير في موازين القوى والأصوات بين التجمّع المسيطر على المشهد وبقية النواب المحسوبين على معارضة ضعيفة لا حول ولا قوّة لها .
ج – م
 

التعليقات

علِّق