في غياب الوعي والمسؤولية : البلاد تغرق وبعضهم لا همّ له سوى " إحياء " التماثيل والأصنام

في غياب الوعي والمسؤولية :  البلاد تغرق  وبعضهم لا همّ له سوى  "  إحياء " التماثيل والأصنام


يعرف القاصي والداني أن البلاد تغرق يوما بعد يوم في مستنقعات المشاكل والديون التي بلغت أقصاها . ويعرف خلق الله أجمعين أن " الحكمة " تقتضي ألّا يتمّ إنفاق أي مليم إلا في محلّه . لكن يبدو أن البعض من مسؤولي هذه البلاد لهم شواغل أخرى لا تهمّ البلاد بالتأكيد لأنها " تابعة لكواكب أخرى " .
ودون الغوص في التفاصيل التي قد لا تسع لذكرها كتب ومجلّدات نكتفي بالحديث عن هذا " الغرام " المستبدّ بالبعض ممّن لا همّ لهم سوى " نفخ الروح " في التماثيل والأصنام . فبعد الجدل الذي أحدثته تماثيل بورقيبة وما  تبع تركيز تلك التماثيل من نفقات طائلة لم تكن في محلّها ها إن  قريحة المجلس البلدي بقرطاج الموقّر  تتفتّق عن إنجاز عظيم جدا وهو " مشروع تمثال حنّبعل " فيسارع الأعضاء فرحين مسرورين بعرضه على رئيس الجمهورية الذي بارك الإنجاز ودعّمه وشجّع أصحابه  أيّما تشجيع  بدعوى " إنصاف رموز تونس على مرّ التاريخ " وما إلى ذلك من مبررات لا تدلّ على شيء إلا على الخواء الفكري الذي بات سمة الكثير من مسؤولي هذه البلاد .
وبكلّ تأكيد سيقول البعض إن بورقيبة وحنّبعل وغيرهما من رموز يستحقّون التكريم والإنصاف فأقول إن هذا ممكن لو أن حال البلاد كان غير الحال ولو كانت الظروف الاقتصادية تسمح بذلك . أما والحال أننا نستجدي القروض والإعانات من غيرنا فإن الأمر لا يستقيم لأن أمورا كثيرة أولى بالإنفاق وأولى بهذه المئات من الملايين المهدورة .
وبكلّ تأكيد أيضا فإن هؤلاء المسؤولين ما كانوا يجرؤون على مثل هذه " الإنجازات  العظيمة " لو أنهم لم يجدوا التشجيع والقدوة من أعلى هرم السلطة الذي كان أوّل الحريصين على إهدار المال العام في " إحياء " تماثيل وأصنام يعرف هو قبل غيره أنها لن تضيف أي شيء للبلاد المنكوبة التي تعمّقت فيها نسب الفقر والأميّة والتفاوت وانتشر فيها الفساد بشكل تاريخي لم تعرفه منذ عهد حنّبعل ذاته .
جمال المالكي

التعليقات

علِّق