في غياب الدعم : فليم "التونسية "عن المناضلة "بشيرة بن مراد" جاهز للعرض
منذ مدة أعلن المخرج المنصف بربوش أنه انطلق في تصوير فيلم يروي جوانب من حياة المناضلة بشيرة بن مراد ويتضمن الفيلم شهادات عن مشاركة هذه المرأة في الحراك الذي عرفته البلاد خلال النصف الأول من القرن العشرين و قد جسدت دور البطولة الممثلة القديرة حليمة داود.
و كانت مصادر مقربة من المخرج المنصف بربوش الذي تولّى إنتاج هذا الفيلم وإخراجه اكدت أنه راسل وزارتي الثقافة والمرأة للحصول على دعم في إنتاجه خاصة أن السيدة بشيرة جزء من الذاكرة الوطنية لو لا وجود لاي عمل يروي ي نضالاتها . إلا أن الوزارتين لم تكلّفا نفسيهما حتى عناء الردّ عليه و لو بالرفض .
اما الاتحاد الوطني للمرأة التونسية فقد أعلم بربوش بأن ظروفه المادية لا تسمح بالمساهمة المادية بالرغم من الرغبة في ذلك لأهمية الفيلم في سيبرز إحدى المناضلات التي كانت وراء تأسيس أول اتحاد نسائي تونسي .
المخرج عانق الفكرة و تبنى المشروع رغم الإحباط الذي أصابه جرّاء عدم تجاوب الوزارتين و قد راسل من جديد مطالبا بمنحة " تكملة الإنتاج " ..
أخيرا فيلم "التونسية" جاهز للعرض و هو عبارة عن وثائقي يروي فصولا هامة و مغيبة من حياة رائدة الحركة النسوية بشيرة بن مراد و من المنتظر ان يتم عرضه لأول مرة في مدينة الثقافة الشاذلي القليبي في شهر فيفري القادم .
الفيلم ثري بالشهادات الحية من الوسط العائلي للمناضلة عائلتي" بن مراد و الزهار " و من اصدقائها و معاصريها من حقوقيين و سياسيين .
و قد قدم الفيلم دور بشيرة بن مراد الاجتماعي و السياسي كامرأة تونسية دافعت بشراسة عن قيم الديمقراطية وعن فكرة تكوين برلمان تونسي.
حيث سعت رائدة الحركة النسائية في تونس ومؤسسة الاتحاد الإسلامي النسائي التونسي الى تعليم الفتيات وجمع التبرعات لفائدة طلبة شمال إفريقيا الذين يدرسون في فرنسا و زارت أيضا مختلف الجهات لتأسيس خلايا نسائية وفروع تابعة للاتحاد النسائي الاسلامي و استمعت لمشاغل الناس و سعت لتوفير العيش الأفضل للجميع و قد عرفت بكرمها و بدماثة اخلاقها و مواقفها الريادية .هذا ما اقلق السلط الفرنسية كثيرا مما دفعهم لسجنها في " الحمّام السوري" خوفا من قوة تأثيرها و شعبيتها.
و كانت المفاجئة في هذا الوثائقي علاقة المناضلة بشيرة بن مراد بالرئيس السابق الحبيب بورقيبة الذي اعجب برجاحة عقلها و في المقابل اقلقه طموحها و ما ترسمه من اهداف لفائدة المرأة التونسية يمكن ان يخلد اسمها دون سواها ....
المزج بين الماضي و الحاضر و حضور الممثلة حليمة داود وصوتها يجعلك تندمج في الاحداث كأنك جزء منها لتتعرف عن ما لم يقل يوما عن حياة و نضالات بشيرة بن مراد .
احداث جد مشوقة في حياة امرأة عاصرت زمن المقاومة ووقفت شوكة في حلق كل من يبخس قيمة المرأة التونسية و حقها في ان تكون مساهمة في النضال ضد الاستعمار.
وقد استند المخرج في إعداد الفيلم إلى وثائق متنوعة تحصل عليها من الأرشيف الفرنسي وكذلك البلجيكي دون أن يجد أية وثائق تتعلق بها في الأرشيف الوطني التونسي و هذا ما يطرح العديد من نقاط الاستفهام ...
هذا الفيلم تم إنجازه بدعم ذاتي من المخرج وعائلة بشيرة بن مراد حيث أنجز في ظرف سنتين لكن عملية جمع الوثائق والصور الخاصة بالراحلة بشيرة بن مراد استغرق قرابة الثلاثين سنة.
عمل قيم و ثري يستحق كل الدعم و الترويج عرفانا بالجميل لنضالات بشيرة بن مراد و حفظا للذاكرة الشعبية من الاندثار و التلاعب .
وتجدر الإشارة أن بشيرة بن مراد ولدت سنة 1913 وتوفيت سنة 1993. وهي رائدة الحركة النسائية في تونس حيث أسست سنة 1936 أول اتحاد نسائي وسنها لم يتجاوز بعد الثلاث والعشرين ربيعا و كان يهدف إلى تعليم الفتيات وجمع التبرعات لفائدة طلبة شمال إفريقيا الذين يدرسون في فرنسا. كما ترأست بن مراد عديد الاجتماعات رفقة الحبيب بورقيبة وفرحات حشاد. وألقت خطبا جد حماسية خلال اجتماعات سياسية حيث حثت الرجال والنساء معا على المقاومة.
ايناس
التعليقات
علِّق