في ظل الشعور بالإفلات التام من العقاب : سامي الفهري يتباهى باستضافة منحرف خطير ويشكره ويتغزّل به تحت أنظار النيابة العمومية ؟؟؟

في ظل الشعور بالإفلات التام من العقاب : سامي الفهري يتباهى باستضافة منحرف خطير ويشكره ويتغزّل به  تحت أنظار النيابة العمومية ؟؟؟

 

منذ 2011 أصبحنا نعيش في ظل شعور يكاد يكون عامّا  بالإفلات التام من العقاب وبأن أي شخص يمكنه أن يفعل أي شيء ولا أحد يحاسبه أو يعاقبه  بما في ذلك النيابة العمومية التي تمثّل دفاع المجتمع ويمكّنها القانون من إثارة الدعوى ضدّ أي طرف دون أن تنتظر أن ترفع الدعوى من أي طرف .
وفي هذا الإطار بالذات استضاف  أمس  سامي الفهري في برنامجه " حكايات تونسية " مجموعة من الأشخاص  الذين رووا قصصهم مع فترة المراهقة باعتبار أن هذا هو موضوع الحصة ومحورها . ومن بين " الضيوف " جاءنا الفهري بشخص غريب بكل ما تحمل  الكلمة من معنى . فقد تحدّث عن تجاربه في عالم الانحراف  وكأنه كان يروي للناس قصّة نجاح  علمي باهر أو قصة اختراع غيّر به وجه الحياة على كوكب الأرض . وبقطع النظر عمّا إذا كان هذا الشاب ضحيّة قلّة العناية من قبل والديه  فقد اعترف اعترافا صريحا ولا رجعة فيه بأنه انحرف منذ السنة الثامنة من عمره وبأنه جرّب كافة أشكال الانحراف تدريجيّا من التدخين إلى الخمر مرورا بكافة أنواع المخدرات استهلاكا وترويجا ... كما اعترف أيضا  ( وهذا الأهمّ والأخطر ) بأنه ما زال يتعاطى كافة أنواع المخدّرات وما زال يروّجها خاصة في أوساط التلاميذ والشباب  وبأنّه " جنّد " فتاة مراهقة لتتولّى معه ترويج هذه السموم لدى التلاميذ وفي المقاهي ... وبأنه ما زال يقوم بعمليّات " براكاج "  ليسلب الناس أموالهم وأمتعتهم ويوفّر لنفسه  " تعمير الدماغ " . ولعلّ ما يوقف المخّ أيضا أن هذا الشخص وعندما سئل عن " العقوبات " التي لا شكّ  قد نالها نظير هذا السجلّ الإجرامي المشرّف جدا قال " عمري ما شدّيت الحبس ... ديما نسلّك   أموري في بوشوشة ... ونروّح ".
وبطبيعة الخال يطرح هذا الكلام ألف سؤال وسؤال وألف نقطة استفهام لعلّ أهمّها : كيف يمكن لأي شخص أن يخرج  سليما معافى أو كالشعرة من العجين عندما يتم القبض عليه واقتياده  إلى مركز الإيقاف ببوشوشة  بتهمة استهلاك أو ترويج المخدرات أيّا كان نوعها ؟. هل هو ساحر مثلا حتّى " يعمي " الجميع فلا  يرى أحد منهم ما فعل وما يجب أن يفعل  به ؟.
دعونا من هذا الآن ولنعد إلى سامي الفهري الذي لا أعتقد أنه لم يكن على وعي بما كان يفعل . صحيح أنه قال للشاب إنه خطر على المجتمع وأبدى بعض الاستغراب من إفلاته الدائم من العقاب وحاول أن يفهم ( من خلال الأخصائيين ) هل هو ضحية أم مجرم  وأنه أبدى تعاطفا لا محدودا معه ... لكن ما  يثير الدهشة فعلا أنه كان مبهرا بذلك " البطل المغوار " وذهب إلى أبعد من ذلك إذ تغزّل به أصلا عندما قال له : " ... والله محلاك ... وعندك القبول ... وعندك ابتسامة مشرقة ... " وغير ذلك من الكلام الذي لا معنى له خاصة أننا في  حضرة منحرف خطير ولسنا أمام   "  أحمد زويل " أو " ألبارات إنشتاين " . ولعلّ الأتعس من هذا أيضا أن الأستاذة سنية الدهماني ( المستشارة القانونية للبرنامج ) لم تشر لا من قريب ولا من بعيد إلى أن ما فعله هذا الشاب وما زال يفعله لا يسقط بتقادم الزمن وأن النيابة العمومية يمكن  أن  تتحرّك ضده في أي وقت ... وكأنها أبهرت بدورها بذلك الشاب الذي ما زال يصول ويجول دون رادع أو رقيب .
وبقطع النظر عن الغرض أو الرسالة التي أراد سامي الفهري أن يبلّغها إلى الناس ( وهي بالتأكيد سلبية جدا عكس ما يتصوّر ) فإن منطق الأشياء يفرض على " محامي المجتمع " أي النيابة العمومية أن تتحرّك وبسرعة من أجل رفع الدعوى ضد هذا الشاب الذي لو كان من التائبين لفهمنا القصد وهان الأمر. أما أن يأتي إلى البرنامج ويتباهى بانحرافه وإجرامه  المتواصلين  تحت رعاية رسمية من البرنامج ومن القناة فهذا ما لا يمكن قبوله أو فهمه ... أللهمّ إلا إذا سلّمنا بأننا نعيش في مجتمع  لا عقاب فيه ولا هم يحزنون .
جمال المالكي 

التعليقات

علِّق