أدى اليوم الاربعاء محمود بن رمضان وزير النقل زيارة فجئية إلى محطة  المترو  بساحة برشلونة . وبما أن الزيارة لم تكن مبرمجة  فقد كشفت  للوزير الكثير من " الخنّار الأزرق " إذ  وقف بنفسه على الكثير من النقائص وعلى جزء من المشاق التي يعانيها المواطن كل يوم في تلك المحطة أو غيرها من المحطات التي تتبع شركة نقل تونس . 

ومن محاسن الصدف بالنسبة إلى المواطنين أن الوزير قضى حوالي نصف ساعة دون أن يرى " ريحة " مترو واحد . وهذه النقطة لطالما أثرناها ولطالما طلع علينا مسؤولو الشركة ليس ليصلحوا ويتفادوا بل ليكذّبوا ما نقول وهاهو القدر قد كشف حقيقة ما يحدث وقد كنّا من الصادقين . 

ويبدو كذلك أن الهواتف قد اشتغلت فإذا بحوالي 700 ألف مترو تدخل المحطة تباعا كي يرى الوزير أنهم يعملون ( المبالغة في الرقم مقصودة طبعا ) . ولعل ما شد انتباهنا بما أننا كنا هناك أمرين اثنين وهما أن المواطنين أفرغوا قلوبهم مع الوزير دون حواجز أو وساطات وأن بعض مسؤولي الشركة كانوا بين الحين والحين لا يفعلون سوى أن يكذّبوا ما يقوله المواطنون ويزيّنون ما لا يمكن تزيينه ويراوغون في الحقيقة حتى لا نقول أشياء أخرى .

وقد حاول البعض منهم أن يرجع أمر الفوضى والمعاناة اليومية للمواطنين إلى أسطول النقل الموجود إلى درجة أن الوزير كاد يقتنع وأصبح يحكي عن الأسطول لولا التدخل الذي قمت به على الفور حيث قلت للوزير إن الأمر لا يتعلق بأسطول أو ما يشبهه . فالإمكانات متوفرة لكن ما ينقص هو تغيير العقليات لدى البعض من المسؤولين الذين ما زالوا حتى وهم في سنة 2015  يسيّرون بأساليب سنة 1970 . واوضحنا للوزير إن اليوم الذي تتغير فيه العقليات سوف يتغير كل شيء . وزيادة في التوضيح أشرنا  له أن يطلب من المسؤولين أن ينزلوا باستمرار إلى الميدان ليقفوا على الحقائق لا أن يتدثّروا بدفء مكاتبهم وأن يأخذوا قرارات مغلوطة من الأساس  بما أنها مبنيّة غالبا على دراسات مغلوطة ( وأعطيناه أمثلة منها ) . ووعد الوزير بذلك وقال " ها إنني أول من ينزل إلى الميدان " فقلنا : هذا طيب ومطلوب لكن نرجو أن يفعل مثلك بقية المسؤولين .

ولعل ما بقي من تلك الزيارة الصباحية التلقائية أن الوزير " لم يقولوا له " بل عاش بنفسه ما يعيشه المواطنون كل يوم . ولعل من طرائف هذه الزيارة أيضا أن الوزير أراد أن يصعد في المترو الأول الذي جاء بعد نصف ساعة فلم يجد له حتى ربع مكان ... !!!

جمال المالكي