في دولة شبه مفلسة : كيف نتحدّث عن التقشّف والبعض مصرّ على جلب فنانين أجانب بمئات الآلاف من الدنانير؟

في دولة شبه  مفلسة : كيف نتحدّث عن التقشّف والبعض مصرّ على جلب فنانين أجانب بمئات الآلاف من الدنانير؟

كلّنا يعرف الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه تونس منذ فترة . وكلّنا يعرف أن بلادنا في حاجة إلى أي ملّيم إضافي في الوقت الراهن وأن إنفاق  دينار واحد في غير محلّه يعتبر نوعا من الظلم والتجنّي في حق هذه البلاد.

هذا الوضع الصعب يدفع نحو إجراءات تقشّف على أكثر من صعيد . وقد أعلن رئيس الجمهورية عن ذلك دون ذكر التفاصيل. وإذا كان لا بدّ من تطبيق إجراءات التقشّف فلتكن الدولة أوّل من يبدأ بتطبيقها عسى أن يكون ذلك قدوة للمواطنين الذي نعرف أن أغلبهم ليس له " ما يتقشّف فيه " غير مورد رزقه الذي لا يكاد يكفيه لتوفير لقمة العيش " حاف " لا غير.

 وعندما نقول الدولة فإننا نعني مختلف مؤسساتها ومنها وزارة الثقافة والبنك المركزي على سبيل المثال.

وفي هذا الإطار تتواصل " سياسة " إهدار المال بالعملة الصعبة ولا أحد يتحرّك لإيقاف النزيف . فقد دعت إحدى العلب الليلية المولعة بالسهر على سبيل الذكر الفنان اللبناني راغب علامة لإحياء حفل في تونس. وراغب علامة هذا مثله مثل الفنانين الأجانب  يقبضون أجورهم  وهي مرتفعة جدا بالعملة الصعبة  وليس بالدينار التونسي.

وفي هذه الحالة هناك أمران لا ثالث لهما :

1 - إما أن تتم الأمور بوضوح وبصفة قانونية  أي بعلم وزارة الثقافة  وكذلك البنك المركزي التونسي الذي يصادق على تحويل تلك الأموال إلى حسابات هؤلاء الأجانب  العملة الصعبة  وهذا في حدّ ذاته مصيبة خاصة في هذا الظرف بالذات .

2 - وإما أن تتم العملية بطرق غير قانونية فتطرح عندئذ  مسألة أخرى لا تقل خطورة وهي : أين وزارة الثقافة والبنك المركزي في كل ما يحدث ويعتبر في النهاية تهريبا للعملة من بلد يعيش حالة من أصعب الحالات؟؟؟.

وفي كلا الحالتين فإن الأمر غير مقبول وغير معقول . وعلى هذا الأساس فإن المطلوب من الوزارة والبنك المركزي أن تمنعا استقدام هؤلاء الفنانين الذي لا يستنزفون فقط عملة نحن أولى بها في الوقت الراهن بل هم لا يضيفون شيئا للتونسيين وإن حضورهم مثل عدمه . فالتقشف المطلوب يجب أن يسري على الجميع وإلا فلا معنى له على الإطلاق.

جمال لمالكي

التعليقات

علِّق