في باب " العزري أقوى من سيدو " : مديرة مدرسة ترفض تعيين أستاذ تربية بدنية بدعوى " آش نعملو بيها الرياضة " ؟

في باب " العزري أقوى من سيدو " : مديرة مدرسة ترفض تعيين أستاذ تربية بدنية بدعوى " آش نعملو بيها الرياضة " ؟


هذه الحادثة دليل قاطع ولا يحتمل ذرة واحدة من الشك أننا دخلنا في منطق " دويلات " داخل الدولة حيث صار من العادي جدا أن ترى أي واحد في هذه البلاد يفعل ما يريد ويشتهي دون رادع ودون خوف من العقاب ما دام العقاب غير موجود أصلا وما دامت هيبة الدولة  تحتفل بالذكرى الثامنة أو أكثر  لرحيلها ربما إلى غير رجعة .
وأصل الحكاية أن الأستاذ أنيس الحجري ( وهو معروف في الأوساط الرياضية التونسية ) سافر إلى المملكة العربية السعودية في إطار بعثة للوكالة التونسية للتعاون الفني . وبما أن التجربة لم تقنعه أو لم تعجبه فقد سارع بإنهائها في الصائفة الماضية وعاد إلى تونس .
وبما أنه  أستاذ للتربية  البدنية  فوق الرتبة  مختص في كرة القدم فقد رغب في تعيينه مجددا في خطته في أي مكان ترى سلطة الإشراف أنه يناسبه فتم إعلامه قبل  انطلاق الموسم الدراسي بأن طلبه مقبول وأنه سيباشر عمله مع بداية  هذا الموسم .
وفي هذا الإطار تسلم الأستاذ أنيس الحجري يوم أمس الاربعاء 3 أكتوبر 2018 قرار تعيينه بالمدرسة الابتدائية قصر السعيد 1 . وينص القرار حسب ما تفيد به المراسلة المصاحبة على " تعيين إثر انتهاء إلحاق لدى الوكالة التونسية للتعاون الفني " ... وعلى أن تتولى إدارة المدرسة تمكينه من مباشرة عملة فور اتصالها  " بهذا الإعلام " أي قرار الوزارة الممضى من قبل المندوب الجهوي للشباب والرياضة بتونس .
وفي الوقت الذي كان ينتظر أن تمكّنه مديرة المدرسة المذكورة مما جاء يطلب فاجأته بردّ غريب تمثّل في رفضها هذا التعيين بصفة مطلقة . وقد أكّد لنا الأستاذ أنها بررت رفضها بعذر أقبح من ذنب الرفض إذ قالت بالحرف الواحد : " ما حاجتيش بالرياضة " حسب قوله طبعا .
ولمّا عيل صبره وتأكّد من أن حديثه مع من لا يفهم إضاعة للوقت والعمر استنجد بعدل تنفيذ ( وهو الأستاذ عمر الماجري ) ليعاين ويوثّق رفض المديرة فتوجه الأستاذ الماجري إلى المدرسة  وأنجز العمل المطلوب منه  مدوّنا كل الحكاية في عبارة تلخّص كل شيء وهي : " رفض قبوله لمباشرة عمله ".
وإذ لا تستحق خلاصة الأستاذ الماجري أي تعليق لا " منفعة " منه سوى توتير الأعصاب فإن السؤال الجوهري الذي لا بدّ منه : إلى أين يمضي بنا البعض وهل نحن فعلا في دولة لها نواميسها وقوانينها  واحترامها أم نحن في غابة استوائية يسود فيها ألف قانون وقانون ؟. ثم لنتساءل أيضا : هل ذهب هذا الأستاذ أنيس الحجري إلى مؤسسة عمومية ( المدرسة ) تخضع إلى قوانين وموظفين يخضعون بدورهم إلى الهرم الوظيفي  في تنفيذ القرارات أن أخطأ العنوان فذهب مثلا إلى المزرعة  الخاصة بالمديرة التي من حقها حينئذ أن ترفض تعيينه طالما أنها ليست في حاجة إلى أستاذ رياضة  يدرب الدجاج والأرانب والخيول والأحمرة التي قد تكون في مزرعتها ؟.
الآن دعونا من هذه الكوميديا السوداء لأن لنا سؤالا مهمّا موجّها رأسا إلى وزير التربية : هل إن ما فعلته هذه المديرة معقول أو مقبول ؟... ونكتفي هنا بهذا القدر من الحكاية التي سنعود إليها لنوافيكم بما جد فيها ... وفي الاتجاهين .
شكري الشيحي

التعليقات

علِّق