فضيحة دولة : سحب فيلم " موت على ضفاف النيل " كان " لأسباب أمنية " وليس بسبب مناهضة التطبيع ؟؟؟

 فضيحة دولة : سحب فيلم  " موت على ضفاف النيل " كان " لأسباب أمنية " وليس  بسبب مناهضة التطبيع ؟؟؟

تم مثلما نعلم منع عرض فيلم " موت على ضفاف النيل " من قاعات السينما التونسية بعد أكثر من 15 يوما من عرضه وبعد أن  " رضخت " وزارة لثقافة على ما يبدو إلى ضغوطات منظمات تونسية ضدّ التطبيع مع الكيان الصهيوني.

ومثلما نعلم أيضا فقد تم سحب الفيلم " بقرار من وزارة الثقافة " وذهب في ظنّ التونسيين أن الوزارة " قامت بالواجب " واستجابت إلى النداءات التي طالبت بسحبه ومنع عرضه نظرا إلى أنه يضمّ ممثلة إسرائيلية متشبّعة بالفكر الصهيوني وتشرّع لاحتلال المزيد من الأراضي الفلسطينية. لكن يبدو أن للحكاية أبعادا أخرى إذا صحّت رواية موزّع الفيلم في تونس لسعد القوبنطيني الذي  تحدث اليوم لإذاعة " موزاييك  عن  قرار إدارة السينما بوزارة الثقافة سحب فيلم ''موت على ضفاف النيل Death of the Nile '' من القاعات التونسية بعد أن تحصّل على تأشيرة العرض.

وبيت القصيد هنا هذه العبارة التي لا يجب أن تمرّ في الخفاء وهي " بعد أن تحصّل على تأشيرة العرض ". ومعنى هذا أن وزرة الثقافة هي التي أعطت تأشيرة العرض وأن الوزارة نفسها هي التي " قررت " منع العرض متظاهرة بأن القرار قرارها وبأنها اتخذته بمحض إرادتها .

وتعني هذه العبارة بكل وضوح أن الأمر لا يخلو من  احتمالين :

* الأول هو أن الوزارة قد تكون أعطت تأشيرة العرض دون أن تكلّف نفسها عناء التثبّت من محتوى الفيلم ومن أبطاله وهذا في حدّ ذاته كارثة تعطينا فكرة على عمل  الوزارة وبعض لجانها.

* الثاني هو أن الوزارة أعطت تأشيرة عرض الفيلم وهي تعلم عنه كل شيء وبالتالي فهي موافقة على عرضه وعلى محتواه وعلى  " رائحة " التطبيع التي تفوح منه ... وهذا أيضا كارثة كبرى لأن الوزارة مثلما نعلم لا تمثّل نفسها بل تمثّل الدولة وتمثّل الشعب التونسي الذي نعرف أن أغلبه يرفض التطبيع مع الكيان الصهيوني البغيض.

 نأتي الآن إلى النقطة الثانية من هذا " الدّوسي " الذي يجب فتحه وعدم السكوت عنه . فقد

أوضح  القوبنطيني أنّ  منع  الفيلم "  كان لأسباب أمنية خوفا من وقوع تصعيد ولضمان أمن القاعات في صورة وجود محتجين ضدّ عرض الفيلم "   مؤكّدا  أنّ هذا القرار يأتي على خلفيّة مشاركة  الممثلة الإسرائيلية ''غال غادوت '' في الفيلم   موضّحا كذلك أنه تم  سحب فيلم ''Wonder Women '' سنة 2017 بسببها أيضا ... أي أن الحكاية ليست جديدة وأن محاولات جلب أفلام من هذا النوع إلى بلادنا ليست وليدة اليوم وإنما " لها تاريخ " في تونس.

وإذا صحّ كلام القوبنطيني طبعا فإن قرار سحب الفيلم  من القاعات لم يكن لسبب مبدئي وهو مناهضة التطبيع بل كان لأسباب أمنية .. أي خوفا من حصول أمر ما من قبل بعض المعارضين لعرضه .

وهذا الكلام يعني أيضا أن السيد القوبنطيني ( وأكيد غيره ) لا يرى مانعا في جلب هذا الفيلم وما شابهه طالما أنه  يمكن تمريره " خلسة " ودون أن تحدث بسببه مشاكل أمنية . ولعلّ الدليل على وجود هذه " الرغبة " في التطبيع التي لا يكاد البعض يخفيها هذا التصريح الذي أضافه القوبنطيني قائلا : " إنّ ''غال غادوت '' لا تتمتع بالبطولة المطلقة في الفيلم ومع ذلك تقرّر سحب الفيلم لتنسج تونس على منوال الكويت ولبنان في منع عرض هذا الفيلم".

وبمعنى آخر لا ضرر  بالنسبة إليه أن تكون هذه الممثلة موجودة طالما أنها ليست بطلة الفيلم وأن علينا أن نقبل " الأمر الواقع " وأن نتعوّد على مشاهدة الممثلين والممثلات الذين يساندون الاحتلال وينشرون فكره ويبررون ممارساته الوحشية ضد الشعب الفلسطيني.

وفي كافة الأحوال أعتقد أنه لا يمكن أن  تمرّ هذه الحكاية مرور الكرام . ويجب أن يفتح فيها تحقيق جدّي ومحاسبة كل من  يقف وراءها لأنها بكل بساطة ليست حسب رأيي بريئة لا من قبل الوزارة ولا من قبل من جلب الفيلم إلى قاعاتنا.

جمال المالكي

التعليقات

علِّق