غريب وعجيب : كيف وأين رأى الأستاذ حمادي بن جاب الله " إمكانيّة إباحة زواج المتعة " في الدستور الجديد ؟؟؟

غريب وعجيب : كيف وأين رأى  الأستاذ حمادي بن جاب الله " إمكانيّة إباحة زواج المتعة " في الدستور الجديد ؟؟؟

نسب إلى الأستاذ والمفكّر حمادي بن جاب الله قوله : " من آثار التنصيص على '' مقاصد الشريعة '' إباحة زواج المتعة على منهج '' العلّامة '' بن عاشور في تفسير الآية 24 من سورة النساء.".

وقد آثار هذا القول ردود فعل كثيرة ومختلفة ساير بعضها ما قال الأستاذ حمادي وعارضه بعض آخر وتجاوز بعضهم أيضا حدوده من خلال شتمه ووصفه بنعوت لا تليق.

وقد أردت أن أساهم في هذا النقاش الذي لا يزال دائرا لعدّة أسباب لعلّ أهمّها أن الدكتور حمادي بن جاب الله كان أستاذي  خلال الموسم الدراسي 1975- 1976 بالمعهد الثانوي بمنزل تميم في  مادة الفلسفة . لذلك يحق لي أن أدّعي أنني أعرفه وأعرف الكثير من أفكاره التي لم أعد أجد لها أثرا منذ فترة ... وتحديدا منذ أن ظهر إلى الوجود حزب نداء تونس ... ومنذ أن عادت علاقتي به عبر الجهاز العجيب ( فايسبوك ) وقد انقطعت لسنوات طويلة جدا.

لن أتحدّث عن " أفكاره الجديدة " التي صرت أكتشفها بغرابة من خلال حضوره في برنامج إنصاف اليحياوي وملخّصها أنه أصبح ( حسب رأيي طبعا ) لا يختلف كثيرا عن حمّة الهمامي لكن في أمر وحيد وهو " المعارضة للمعارضة " لا غير...

السيد  حمادي بن جاء بالله حرّ في تفكيره ولا يحقّ لأي كائن أن يصادر آراءه . لكن بكل أسف فقد  جانب الصواب بشكل رديء جدّا هذه المرة في ما ذهب إليه من استنتاج يعتبر رجما بالغيب ولا يستند إلى أي منطق في العالم . فهل يتصوّر الدكتور حقّا أن مسألة كهذه ( زواج المتعة ) يمكن التفكير فيها من أي طرف كان في تونس 2022 وما سيليها من سنوات ؟. هل يتخيّل الدكتور حمادي أن هناك من سيجرؤ على المساس بأحد أهم مكتسبات المجتمع التونسي وهو مجلة الأحوال الشخصية ( أو مجلة بورقيبة الذي أعرف جيدا أن الأستاذ يعشقه كثيرا ) مهما  بلغ به التطرّف الفكري أو الشذوذ في التفكير؟. ثم هل يقبل أو ربما يقصد الدكتور أن يحصر  المقاصد الإسلامية في زواج المتعة وتعدد الزوجات  وما إلى ذلك من أمور انتفت وزالت بزوال أسبابها ؟؟؟

لذلك أقول للدكتور إن ما ورد في الدستور أوضح  أن مقاصد الإسلام  ( ولم يقل مقاصد الشريعة ) تتمثل في الحفاظ على النفس والعرض والمال والدين والحرية. ولا أعتقد أنه يخفى عليك أن الحفاظ على الدين  يعني الدين القائم بين الناس وليس دين الجماعات التكفيرية أوالداعشية أو أي خروج عن المتفق عليه في مجتمعنا والمألوف إضافة إلى أن المقصود من الحفاظ على الدين  هو أن ترعاه  الدولة وتحافظ عليه  فلا  تجعله بالتالي متاحا وذريعة لكل من هب ودب  لاستعماله في مآرب  أخرى ... يعرفها الأستاذ ونعرفها جميعا.

بقيت كلمة أخيرة أقولها لأستاذي العزيز الذي سأظلّ أحترمه وأجلّه مدى الحياة رغم كل الاختلافات  في الرأي : أتمنّى أن أرى اليوم " سي حمادي " الذي عرفته في عهد بورقيبة وكان مجرّد  الخوض معه في مسألة فلسفية  " تهمة " قد تستوجب عقاب السلطة آنذاك... أريد أن أرى أستاذي يفيد بفكره الوطن تونس وليس " لخدمة أطراف معيّنة " تعمل على إسقاط منظومة 25 جويلية بأي شكل ...حتى من خلال تزييف الحقائق وبثّ الإشاعات ... وتحميل مشروع الدستور ( وبعض فصوله تحديدا ) ما لا يحتمل من تفسيرات مضللة عمدا ولا غاية منها إلا محاولة إقناع الناس بأن هذا الدستور لا يوجد أسوأ منه في العالم .

ومثلما قلت في البداية فإن الأستاذ حمادي حرّ في أفكاره . وهو يعرف جيّدا أن الحريّة لا تعني الاشتراك في هدم كل شيء خاصة إذا كان هذا " الشيء " هو الوطن ... والمستقبل والبيت الذي سيأوينا جميعا رغم  كافة الاختلافات.

جمال المالكي  

التعليقات

علِّق