غرائب تونسيّة : 3 شبان تدخّلوا لمنع تشغيل قاصرات فوجدوا أنفسهم " مجرمين " محكوما عليهم بالسجن

غرائب تونسيّة : 3 شبان تدخّلوا لمنع تشغيل قاصرات  فوجدوا  أنفسهم " مجرمين " محكوما  عليهم  بالسجن


في صورة تبدو " مقلوبة " وضدّ المنطق وجد 3 شبان  أنفسهم يواجهون  أحكاما بالسجن  لأنهم  تدخّلوا ذات مرة  لمنع جريمة " اتّجار بالبشر"  تتمثل في تسليم طفلتين إلى سمسار لتشغيلهما بالمنازل.
وحسب التقرير الذي  نشرته اليوم وكالة تونس إفريقيا للأنباء  تعود هذه الواقعة إلى السابع من شهر جويلية من سنة 2017  قرب مقهى يتوسط مدينة فرنانة من ولاية جندوبة  حيث كان السمسار ينتظر  البنتين وغير بعيد عنه  كان  والد الصغيرتين سعاد (عشر سنوات) ورحمة (15 سنة ) ينتظر.
وفي الأثناء وصلت سيارة فخمة وضخمة وتمّت عملية تسليم الفتاتين  ثم قبض السمسار عمولته  قبل أن تغادر السيارة المكان والبنتان تطلان من نوافذها  وقد بدت عليهما  علامات الخوف والحزن . وقبل أن تغادر السيارة المكان تدخّل  ثلاثة  شبان من  ناشطي  المجتمع المدني (وليد وعصام ومعتز) بالقوة لإنقاذ الضحيتين . وتم بعد ذلك مباشرة إعلام مركز شرطة المكان بالحادثة  ثم  والي جندوبـة الذي تعهد باسترجاع الفتاتين.
من ناحية أخرى قامت رئيسة مكتب مندوب الطفولة بجندوبة  بتقديم شكوى  ضٌمّنت بدفاتر المحكمة تحت عدد 2315/17  أكدت فيها أن الوقائع تمثل شبهة اتجار بالبشر وطالبت بفتح بحث طبق ما يقتضيه قانون الاتجار بالأشخاص ومكافحته عدد 61 لسنة 2016.
لكن الغريب في القضية أن الشباّن الثلاثة الذين ساهموا في كشف عملية الاتجار تحوّلوا إلى متهمين. فقد أصدرت محكمة ناحية طبرقة ضدهم في 19 جويلية 2018  حكما غيابيا بسجن كل واحد منهم أربعة أشهر  بعد أن نسبت لهم النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بجندوبة تهمة "الاعتداء بالعنف الشديد المجرد والقذف العلني والاعتداء على الأخلاق الحميدة "  ضد المشاركين في عملية الاتجار.
واعتبر المحامي قيس المحسني الذي تطوع للدفاع عن وليد وعصام ومعتز  أن ما وقع لمنوّبيه أمر على غاية من الخطورة .  ففي الوقت الذي ينصّ  قانون الاتجار بالأشخاص الصادر في 2017  على أن عدم الإبلاغ عن مثل هذه الجرائم يعرّض للعقاب بالسجن والغرامة المالية  تحوّل المبلغون الثلاثة في قضية الحال إلى "مجرمين" حسب التكييف القانوني الذي نسبته لهم النيابة العمومية .
و ذكّر المحامي بأن الفصل 20 من مجلة حماية الطفولة السابق لقانون الاتجار بالأشخاص نصّ  أيضا على واجب الإشعار.

وتشير الدراسات في هذا السياق إلى أن منطقة فرنانة  من ولاية جندوبة  تأتي في ذيل مؤشرات التنمية البشرية من مجموع 258 معتمدية منتشرة في كامل تراب البلاد التونسية  حسب آخر تقرير مشترك صادر عن ولاية جندوبة وعن الإدارة الجهوية للتنمية بالجهة لسنة 2013.
وتتقدم عليها معتمدية عين دراهم بنقطة واحدة .  وتعتبر جندوبة أكثر الجهات التي تتفاقم فيها ظاهرة تشغيل الأطفال والمعينات القاصرات بالمنازل  .ووفق دراسة منجزة من قبل جمعية النساء التونسيات للبحث والتنمية سنة 2006  فإن عدد المعينات المنزليّات بتونس يقدّر بنحو 78 ألف معينة.
وتتصدّر ولاية جندوبـة قائمة المناطق المصدرة للعاملات بالمنازل بنسبة 27.4 بالمائة تليها القصرين والقيروان بنسبة 16.4 بالمائة .
وحسب  بعض الدراسات أيضا  فإن القاسم  المشترك  الجامع بين المعينات  أنهن انطلقن في العمل منذ سن مبكرة ( بين 8  سنوات  و11 سنة) أما المشترك الثاني وأن غلبهن منقطعات بشكل مبكّر عن الدراسة.

صورة أيمن الطويهري من موقع إنكيفادا

التعليقات

علِّق