عوض قضاء حاجاتهم : رئيس مكتب البريد بالمروج يدعو الشرطة لإخراج المواطنين بالقوة

" البريد التونسي سعي دائم لإرضائكم وتوفير الخدمات " ... هذا هو واحد من شعارات البريد التونسي الذي لا ينكر أحد أنه يسعى منذ سنوات إلى تطوير خدماته وتحسينها . لكن يبدو أن بعض العاملين بهذه المؤسسة العمومية الحيوية لا يؤمنون بشعار مؤسستهم . وما حدث هذا اليوم الاربعاء 20 ماي 2020 بمكتب بريد المروج 3 خير دليل على هذا الاستنتاج .
اليوم توافد الناس على مكتب البريد المذكور لصرف جراياتهم قبل موعدها بناء على إرساليات وصلتهم من البريد التونسي في خصوص هذا الأمر بمناسبة العيد . وكانت الأمور تسير بصفة عادية إلى حدود الساعة منتصف النهار و 45 دقيقة عندما بدأ الموظفون والموظفات يغادرون شبابيكهم بدعوى أن وقت انصرافهم قد حان وكان ذلك تحت نظر رئيس المكتب وبمباركته وتشجيعه لهم . في ذلك الوقت كان حوالي 40 شخصا ظلّوا جميعا ينتظرون دورهم خارج المكتب لمدّة لا تقلّ عن ساعة ونصف لكلّ واحد منهم . المواطنون حاولوا أن يقنعوا الموظفين ورئيس المكتب بأنه لن يحصل أي شيء لو أنهم تكرّموا وقضوا حوائجهم التي لا تتطلّب إلا 15 أو دقيقة إضافية على أقصى تقدير باعتبار أن 4 شبابيك كانت تعمل .
ورغم الإلحاح وإصرار البعض على أنهم " ما عندهمش عشاء الليلة " وتأكيد إحداهنّ وهي تبكي بحرقة أن ابنها الصغير مريض وأنها كانت تنوي شراء الدواء له فقد استعصى الموظفون ورئيسهم فكنت لا تسمع إلا عبارة " ما يهمّناش فيكم ... أحنا نخدموا لماضي ساعة غير ربع وتوة مروّحين ".
وأمام هذه الوضعية التي لم تكن تتطلّب إلا حدّا أدنى من التفهّم والديبلوماسية خاصة من قبل رئيس المكتب قرر المواطنون ألا يغادروا مكتب البريد إلا بعد قضاء حاجاتهم . وبعد 35 دقيقة كاملة ( كانت كافية لحلّ المشكل وزيادة ) وعوض أن يستجيب للوازع الإنساني بقطع النظر عن القانون وتوقيت العمل وما إلى ذلك من تبريرات اتصل رئيس المركز بالأمن وطلب منهم الحضور لإخراج المواطنين .
وبعد حوالي 5 دقائق فقط حضر الأمن باعتبار قرب مكتب البريد من منطقة الأمن . وللأسف الشديد لم يتفهّم الأمنيون ظروف المواطنين وأصرّوا على إخراجهم بسرعة وبلهجة حادّة وغريبة كنّا نظنّ ( عن خطأ ) أنها ولّت مع رحيل زمن التسلّط والدكتاورية .
وتحت وابل من " الدعوات الكريمة " بالخير والبركة والسعادة لرئيس المكتب ومن معه غادر المواطنون المكتب منكسرين مذعنين إلى " قانون الأقوى ".
وقبل أن نختم هناك بعض الملاحظات التي لا بدّ منها :
- قبل حوالي شهر قام مسؤولو نفس المكتب بإجراء نال استحسان الجميع وجنّب الجميع حدوث أي مشكل . فقبل حلول موعد الانصراف بحوالي نصف ساعة عاين رئيس المكتب عدد المنظرين في الداخل والخارج وأمر بتوزيع عدد من الأرقام على من ينتظرون بالخارج الذين تم إدخالهم بعد انقضاء الوقت بما أنهم يحملون أرقاما . وقد اقتنع كل من جاء بعدهم بأن عليه أن يعود في اليوم الموالي دون أي مشكل .
- يتساءل كافة المتعاملين مع مكاتب البريد عموما عن " الفلسفة " الكبيرة من تحديد وقت الانصراف مع منتصف النهار و 45 دقيقة والحال أنه لا شيء يمنع من العمل إلى حدود الثانية ظهرا إذا كنّا فعلا نرمي إلى خدمة المواطن في أفضل الظروف .
- لئن تعامل رئيس الفرقة الأمنية التي قامت بإخراج المواطنين غصبا عنهم بشيء من الحدة الشفوية فإن أحد مرافقيه قام بدفع شيخ كبير ما كان يصحّ أن يعامله بتلك الطريقة وأجبره على الخروج صاغرا وذليلا ولا حول له ولا قوّة .
- ما حصل في مكتب بريد المروج 3 هو بالتأكيد مثال سيّئ لكنه لا يعتبر عامّا حسب شهادات الكثير من الناس الذي تحدّثوا عن الكثير من الأمور الإيجابية في مكاتب بريد أخرى . وبما أن الشيء من مأتاه لا يستغرب فقد أكّد لنا أكثر من 10 أشخاص على الأقل أن رئيس المكتب الذي عمل في مكاتب بريد أخرى " شمايتي " من الدرجة الأولى ولا يؤمن بالإجتهاد إلا في نواحيه السلبية .
- لقد كنّا شهود عيان على كل ما حصل من البداية إلى النهاية . ويعرف الجميع أننا لم نقل كلمة واحدة خارجة عن الإطار أو من وحي الخيال .
ج - م
التعليقات
علِّق