عوض أن تنقدوها وتتهكّموا عليها : إفعلوا مثل سعاد عبد الرحيم ستكون تونس أفضل وأجمل

 عوض أن تنقدوها وتتهكّموا عليها :  إفعلوا مثل سعاد عبد الرحيم ستكون تونس أفضل وأجمل


إلى حدّ الساعة  ما زال " الفايسبوك " وأدوات  التواصل الاجتماعي لم تهدأ خاصة بعد نشر صور لرئيسة بلدية العاصمة  سعاد عبد الرحيم وهي تساهم بيديها في عمليات  النظافة ... بعضهم قال إن ذلك مجرّد " سينما " ... والبعض الآخر ربط ما تفعله عبد الرحيم بما تفعله رئيسة كرواتيا في كأس العالم في روسيا مؤكدا أن  رئيسة البلدية تتشبّه برئيسة كرواتيا لا لشيء إلا لكسب تلك الشعبية التي كسبتها الرئيسة  " القاورية " ليس في بلدها فحسب وإنما في كافة أنحاء العالم ... وقال  آخرون طبعا ( وهم غالبا من أنصار النهضة  وبعض العقلانيين ) إن ما فعلته سعاد عادي جدا وربما مؤشّر على ميلاد نوع جديد من المسؤولين الذين يفضلون العمل الميداني عوض القبوع في مكاتب لا طائل من ورائها .
وبعيدا عن هذا الرأي أو ذاك دعونا نسأل : ما العيب في ما قامت به سعاد عبد الرحيم ؟. أما الإجابة فهي أن لا عيب في ذلك ولا هم يحزنون . فالعيب في هؤلاء الذين تعوّدوا طيلة عشرات السنين على مسؤول  يقضي في مكتبه وقتا أكثر مما يقضيه في منزله أو خارجه لكنه لا يفعل شيئا  لأنه يكتفي بإعطاء الأوامر وغالبا لا يتابع  إن تم تنفيذها أو تم الإلقاء بها في البحر .
لقد تعوّد التونسيون على نوع من المسؤولين  لا يصلح أغلبهم للمسؤولية لأنه غالبا ما يتم تعيينه فيها خطأ  أو صدفة أو محاباة ... كما تعوّدنا على أن نجد المسؤولين  أحيانا أكثر عددا من العاملين لكن بلا فائدة  لأنهم لا يفعلون في الواقع أي شيء .
ولو فرضنا أن في بعض ما قيل عن سعاد عبد الرحيم بعض الصحة  فلماذا لا نأخذ ما قامت به من الجانب الإيجابي ؟. لماذا لا نقول إنها قد تكون عن حسن نيّة  فنشجّعها  ونقف إلى جانبها  ونعمل مثلها وننزل إلى الميدان في كافة بلديات البلاد  فنساهم في عمليات النظافة وحملاتها  ونساعد الأعوان ونبعث فيهم شحنة  العمل الجاد والرغبة في تغيير واقع البلاد من  " حالة مكربة "  إلى بلاد نظيفة   بالقدر الذي نستطيع  ونريد ؟.
لقد كان عل  منتقدي سعاد عبد الرحيم أن ينظروا إلى خارج البلاد  لنرى كيف يتصرّف مسؤولوهم . وأراهن هؤلاء أن يذهبوا إلى مصنع في الصين أو في اليابان  يشغّل آلافا من العاملين  أن يفرّق بين عامل بسيط ومهندس رئيس مشروع على سبيل المثال . فهناك يستوي القوم في اللباس والعمل فلا تجد مسؤولا واقفا ويديه في حزامه ... يأمر وينهى وبقية خلق الله يشتغلون .... هناك تجمعهم القبّعة الصفراء  التي ترمز إلى العمل والمساواة في العمل ... أما نحن فما زلنا محكومين بأفكار بالية ... وما زال  الكثير منّا يرفض الكثير من الأشياء ليس لأنها خاطئة بل فقط لأنها تأتي من شخص أو جهة لا  " نحبّها " ... وهنا المثل واضح إذ يرفضون ما تقوم به سعاد عبد الرحيم  لأنها تنتمي إلى النهضة . وهذه الفكرة  هي حسب رأيي واحدة من أسباب تخلّفنا ... وعائق كبير سيظل يحول بيننا وبين تحقيق ما نريد لهذه البلاد ... وحتى لا يقال إنني أدافع عن النهضة  أقول إن على كل من يدّعي ذلك العودة إلى التاريخ البعيد والقريب وحتى إلى الحاضر ... فقط يكمن الاختلاف بيني وبين هؤلاء أنني لا أرفض  لمجرّد الرفض ... ولا أرفض بالعاطفة ما قد يكون مفيدا بالعقل ... ولا يهمّني في النهاية أن يخدم البلاد  " نهضاوي " أو إغريقي ... المهم أن يقدّم للبلاد شيئا مفيدا .. وبكل صدق .
جمال المالكي

التعليقات

علِّق