عن شعب لم تعد لديه قدرة على الانفعال

عن شعب لم تعد لديه قدرة على الانفعال

لماذا لم نعد ننفعل؟؟

هل فقدنا قدرتنا على الغضب؟ هل فقدنا تماما تلك النعرة التي نعرفها عندنا؟ هل تحولنا إلى حيوانات وديعة مثل الأرانب تكتفي بما يتوفر من العشب؟

ماذا لم نتحمل بعد مع ما احتملنا منذ أكثر من عشر سنين ليس عجاف فقط بل وقاتلة للأمل حتى الصغير منه؟

لماذا يخيم على وجوهنا هذا الصمت القاتل ونحن نواجه، منذ 2019 خاصة، بلوغ ما يحل بنا ما لا يمكن وصفه من سقوط "شاهق" نحو الدرك الأسفل؟؟

من قتل فينا "شعرة السيد علي" كما كان يقول أهلنا من قبل؟

تقوم صباحا وأين ما "تولي وجهك" تصعقك الأوضاع التي لا تبيت على حال إلا وتصبح على ما هو أنكى. من السيارات المجنونة في الشارع إلى الحافلات التي تأتي ولا تأتي حسب مشيئة الله ومشيئة سائقها. من الإدارات المفتوحة بوجوه موظفين مغلقة تنتظر فقط أن تراك حتى تصب عليك نفس جام الغضب الذي يضطرم في صدرك. من البنوك التي تنتظرك صباحا لتلتهم القليل من مالك الذي لم تلتهمه أمس لضيق الوقت. من الزبالة المتراكمة في كل ركن وقد فتحها "البرباشة" عسى أن يظفروا بما لم يستطيعوا فرزه إن وجدوا في الزبالة شيء.

كل هذا وأكثر من هذا ونحن لا ننفعل. بل وما زال فينا من يحاول أن يكون متفائلا بأن أصحاب القرار (والذين تناقصوا أخيرا ليصبحوا شبه واحد فقط) سوف يأخذون بزمام الأمور. أي زمام؟ وأي أمور؟ الأمور خرجت عن السيطرة تماما في هذا البلد إلى درجة أننا لم نعد نتأثر بخروجها عن السيطرة. (إيه ومن بعد؟)..لا شيء ..

الأسعار جنت منذ أكثر من سنتين ولا تزال تجن كل يوم. المدرسة احترقت وفر أبناؤنا منها إلى الدروس الخاصة التي يؤمنها نفس مدرسي المدرسة، ولكن بالفلوس التي لم نعد نملكها. الجامعة دخلت "عمر الكلب" وصار المتخرجون منها أقل فهما وإدراكا عما كانوا عليه عندما دخلوها. عندما يشتد بنا البأس فتمرض أجسادنا من المستحسن تماما أن نموت فورا لأن دخول المستشفيات أصبح موتا أفظع من الموت نفسه.

ورغم كل هذا لم نعد قادرين على الانفعال ولا على الصراخ ولا على الاحتجاج. لا يمكن حتى أن نعول على محترفي السياسة الذين جربناهم فخذلونا. ولا أمل لنا في أن ينبعث منا "المهدي المنتظر" ولا غيره من الرسل فما عاد الزمن زمن معجزات. ومن فرط الوجع الذي يعترينا يوميا صرنا أميل إلى السكوت مخافة أن نزيد ألما من توجعنا الدائم.

(إيه..ومن بعد؟؟)

لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتواصل الحال على ما هو عليه ولا يمكن أن يدوم صمتنا وخنوعنا "الأرنبي" إلى ما لا نهاية إلا إذا اقتنعنا بأننا انتهينا.. ونحن لم ننته بعد..ولن ننتهي أبدا...

 

علي العيدي بن منصور

التعليقات

علِّق