عندما يحرم المعتمد الأوّل والمندوب الجهوي للرّياضة بمدنين، تونس من تظاهرة عالميّة

عندما يحرم المعتمد الأوّل والمندوب الجهوي للرّياضة بمدنين، تونس من تظاهرة عالميّة

 


منذ ثلاثة عشر عاما دأبنا على تنظيم تظاهرة رياضيّة أسميناها ماراطون الواحات، تجمع عدّائين ورياضيين من مختلف دول العالم يأتون لاكتشاف مخزوننا الطبيعي والتراثي والتاريخي، من خلال تظاهرة في ظاهرها رياضيّة إنّما في جوهرها دعائيّة وفي عمقها هي دعامة لسياحتنا المحتاجة أكثر من أيّ وقت مضى لدعم كلّ الهياكل والمنظّمات لا فقط لإثراء منتوجنا بل وخاصة لإشاعة صورة أخرى عن تونس الثلاثة آلاف سنة حضارة المتطلّعة إلى الأمل المشرق والحريّة الموعودة. ماراطون الواحات منذ دورته الأولى استقطب الآلاف المؤلّفة من السيّاح ومن الرياضيين ومن الاعلاميين وتابعته وحكت عنه عشرات المحطّات الإذاعيّة والتلفزيّة وأشاع صورة أخرى عن تونس، مغايرة تماما عن تونس المعروفة فقط من خلال شمسها وشواطئها، تونس العمق وتونس التّاريخ وتونس الحضارة وتونس التي في كلّ ركن من كلّ قرية خطّ التّاريخ صفحات عن ماضيها المجيد وعن دورها في إثراء الحضارة الإنسانيّة عبر العصور وعبر القرون. ماراطون الواحات حاول ونجح في فتح أعين الزوّار والرياضيين عن جمال مناطق لم تكن توجد في المجلاّت الدعائيّة للسياحة التونسيّة، ولم يكن عنق الجمل، ولا الدويرات، ولا حتّى غمراسن أو تطاوين، فضلا عن كثبان تمغزة، وواحات توزر ونفطة وجمال الصحراء في دوز وقبلّي، والواجهة البحريّة لجنوبنا الشرقي على ضفاف بوغرارة وزياتين الدّخلة وجرجيس، لم يكن لتجد اهتماما من لدن وكالات الأسفار التي نمّطت منتوجنا السياحي بنمط وحيد وكأنّما سياحتنا شاطئيّة أو لا تكون. لقد استطاع ماراطون الواحات أن يسجّل نجاحا ظلّ يتدعّم دورة بعد أخرى، فخلق السياحة الرياضيّة والسياحة الثقافيّة فأثرى بالتّالي رصيد أحبّاء تونس بجيل جديد من المهتمّين بتاريخنا وحضارتنا ومعالمنا وخلق جيلا جديدا من السيّاح الأوفياء يأتون عاما بعد آخر للمشاركة في ماراطون هو إلى التقارب والانفتاح على مخزوننا المتعدد الجوانب أقرب. وكنّا نجد دعم الهياكل المسؤولة محليا وجهويّا، في التأطير والإحاطة وتوفير مستلزمات الأمن والأمان ليشقّ الماراطون واحاتنا وصحراءنا وقرانا في كنف الإحاطة االلّصيقة من طرف الهياكل المكلّفة بحفظ الأمن والأمان من شرطة وحرس وحماية مدنيّة.. وأبدا أن طلبنا دعما ماديّا، فالتنظيم تنظيمنا، لولا أنّ حسن التنظيم من شروطه أن تتكفّل الهياكل الإداريّة المسؤولة بتوفير ما هو موكول إليها، حتّى نستطيع فنتمكّن من خلال هذه التظاهرة الدوليّة من مزيد تمتين اللّحمة بين زوّار يأتون حبّا في بلدنا للتنعّم بمباهجه والاطّلاع عن كنوزه التراثيّة والتّاريخيّة وملء أعينهم بالجمال الطبيعي الذي وهبته الطبيعة لبلدنا العزيز. ولم نكن نلقى أيّا من الاعتراضات، بالعكس، كنّا نجد الدّعم والمساندة من السادة الولاة والمعتمدين، ومن مسؤولي الأمن في المناطق التي يمرّ منها ماراطون الواحات من نقطة انطلاقه حتّى نقطة وصوله قاطعا مآت الكيلومترات وسط جمال طبيعيّ خلاّب.
هذه السّنة وجدنا أنّ المعتمد الأوّل ومندوب الرياضة بولاية مدنين لا يوليان أدنى أهمية لمبادرتنا في تنظيم الدورة 13 لماراطون الواحات هذه السّنة، متعلّليْن بشتّى التعلاّت التي لم يغب عنّا خفاياها غير البريئة (انظر الوثائق المصاحبة)، ولا استعداد لدى السيدين محمد الجيلاني الشايبي والهاشمي العطوي لتقديم أيّ من الأذون في هذا الشأن، وبالتّالي وجدنا أنّه من غير الممكن تنظيم التظاهرة دون ترخيص رسميّ ودون توفير شروط السلامة القصوى الموكول توفيرها للهياكل الإداريّة المذكورة. فحرما بالتّالي جهتنا وتونس عموما من تنظيم تظاهرة تدعم السياحة التونسيّة المحتاجة أكثر من أيّ وقت مضى لما يزيد في إشعاعها ويثري منتوجها ويدعم رصيدها ويجمّل صورة بلدنا المتعدّدة الخصائص والثروات.. فثلاث مراحل من الماراطون الدولي للواحات تمرّ عبر ولاية مدنين، ولا مجال لأيّ تنظيم دون مرافقة أمنيّة لصيقة يعترض السيدان المذكوران على توفيرها.
إنّ ماراطون الواحات الذي أنشأته بجهد وعزم وأمل وإصرار منذ 13 عاما، أردته مناسبة ليشعّ من خلاله النّور، نور تونس المتفتّحة على العالم بوجه مشرق مضيء يوحي بما اكتسبته عبر التّاريخ من قيم التسامح والتفتّح والأخوّة بين بني الإنسان على اختلاف أعراقهم وأصولهم وأديانهم، واستطعنا على مرّ السّنوات أن نخلق رصيدا يتعزّز عاما بعد آخر بالعشرات والمآت من الزوّار والسيّاح والمهتمّين من أحبّاء بلدنا يأتون من فرنسا وبلجيكا وايطاليا وألمانيا والجزائر والمغرب لخلق الديناميّة والحركيّة في جهات تعرف في مثل هذه الفترة ركودا يعمّ كلّ المناحي الاقتصاديّة والاجتماعيّة فيها..
ولكن يكفي أن يأتي مسؤولان لا يفهمان شيئا من مقاصد مثل التي إليها نرمي ومن أجلها نجاهد، فيعترضان على تنظيم تظاهرة كان من الأولى بهما أن يدعماها بكلّ ما أوتيا من إمكانية وسبل.
لذلك وبكلّ مرارة وأسف أقول: إنّ لا ماراطون للواحات هذا العام بسبب جهل وتعنّت وانعدام المسؤوليّة لدى طرف لا يعرف المسؤوليّة أصلا، وهي المسؤوليّة التي من المفروض أن تفرض عليه تحمّلها بأمانة في سبيل تحقيق ما يدعم نهضة البلاد ويخدم مصالحها..
وإنّي آسف جدّا أن أجد نفسي مضطرّا لأعلن للجميع وفي مقدّمتهم أحبّاء ماراطون الواحات الذين استعدّوا كأفضل ما يكون الاستعداد للقدوم والمشاركة أنّي عاجز عن تنظيم دورة هذا العام.. للأسباب التي ذكرت.
وهذا لا يمنعني من تقديم شكري المتجدّد والدّائم لكلّ السّلط الإداريّة المسؤولة من ولاة ومعتمدين ومندوبين للسياحة والرياضة في ولايات قبلي وتوزر وتطاوين على دعمهم للتظاهرة على مرّ السنوات، كما لا بدّ أن أشيد بالإحاطة المتميّزة التي وجدناها على مرّ السّنوات من قوات الأمن والحرس والجيش الذين لم يألوا أبدا جهدا لتقديم الصّورة الفضلى عن بلدنا وخدمة إشعاعها..
ولكن يبقى السؤال: لماذا رفض السيدان محمد الجيلاني الشايبي والهاشمي العطوي تقديم الدّعم لنا وتوفير مستلزمات تنظيم التظاهرة، تماما كما وجدناها في الولايات الأخرى ؟ وهل أنّ مدنين تخضع لقوانين خاصة حسب مزاج المسؤولين فيها كأنّما هي خارجة عن مساحة الوطن..
لذلك أجدني أجدّد دعمي ومساندتي للسيّد يوسف الشاهد رئيس الحكومة في حربه على الفساد، طالما بقيت في تونس ذرّة فساد واحدة أو شبهة استغلال نفوذ.
عزالدين بن يعقوب

التعليقات

علِّق