عندما تدافع جبهة الخلاص عن الباطل وعن كل شيء " ضدّ قيس سعيّد " ؟؟؟
أصدرت " جبهة الخلاص الوطني " أول أمس بيانا اعتقدت أنه دفاع عن الحق بينما أرى أنه دفاع عن الباطل .
وانطلاقا من مبادئ ثابتة عندي لن أناقش مواقف هذه الجبهة واصطفافها وراء منظومة 24 جويلية . فهؤلاء أحرار في مواقفهم وآرائهم وليس هذا موضوعنا اليوم.
وقبل أن أبيّن لكم كيف تدافع هذه الجبهة عن الباطل وكيف أرى أنها مستعدة للتحالف مع إبليس شخصيّا والدفاع عنه لا لشيء إلا لأنه ( أي إبليس ) اتخذ موقفا ضد قيس سعيّد ولا يهم إن كان موقف إبليس صحيحا أو مجرّد هذيان و" تخلويض "... نقدّم لكم نص البيان كاملا مثلما ما جاء:
تونس في 11 أكتوبر 2022
عند استقباله لوزير الفلاحة يوم الاثنين 10 أكتوبر، عرج رئيس سلطة الأمر الواقع على اجتماع شعبي عقدته جبهة الخلاص الوطني يوم غرة أكتوبر بجهة بن عروس ليشير الى ان اثنين من إطارات وزارة الفلاحة حضرا هذا الاجتماع قادمين على متن سيارتهما الإدارية داعيا الوزير الى اتخاذ الإجراءات التأديبية ازاءهما.
وإذ تستنكر جبهة الخلاص الوطني هذا التحريض المباشر من قبله ضد مواطنين من اجل ممارسة حقهما في الاجتماع وهي الحرية المكفولة لهما بكل الدساتير والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان، فإنها تشير الى ما يلي:
1. ان هذا التصريح الخطير يدل دلالة قاطعة على ان همه يتركز على تعقب النشاطات القانونية لمعارضيه في ادق تفاصيلها بما في ذلك تعقب من يحضر اجتماعاتها في وقت كان من الاجدر ان يعتني بما تكابده البلاد من ازمة مالية واجتماعية تعصف بمقومات البلاد وتعرضها الى خطر الانفجار.
2. ان السيد قيس سعيد يستعمل المعلومات التي ترفعها اليه الدوائر الأمنية لتوظيفها في الصراع ضد خصومه السياسيين وهو ما يتناقض وواجب الحياد عن الحياة الحزبية ويتعارض مع ما يفترض فيه من عدم توظيف مؤسسات الدولة لمقاومة خصومه وتحريض اجهزتها على الانتقام منهم، فضلا عن دوره المفترض في الذود عن الحريات وحمايتها.
3. ان هذه المعلومات الدقيقة المرفوعة اليه من قبل الدوائر الأمنية، وضربها فضلا عن ذلك لرقابة لصيقة على مقر الجبهة وتسجيل الأرقام المنجمية لسيارات زواره، تدل على ان هذه الدوائر خرجت مرة اخرى عن واجب الحياد السياسي وعادت لتضع نفسها في خدمة السلطة السياسية قصد التضييق على الحريات وقمعها.
4. انه من المؤسف ان يغيب عن رجل القانون أن القوانين الجارية تتيح لموظفي الدولة استعمال السيارات الإدارية لقضاء شؤونهم الخاص دون تحديد لطبيعتها ونذكره هنا بأحكام الباب الثاني من الامر عدد 189 لسنة 1988 المؤرخ في 11 فيفري 1988 والمتعلق باستعمال سيارات الدولة والجماعات العمومية المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية والذي جاء بفصله التاسع ما نصه:
"يمكن إن اقتضت ضرورة العمل الترخيص للأعوان العموميين باستعمال تلك السيارات بصفة ثانوية لغاياتهم الشخصية وذلك بمقرر معلل ممضى من قبل رئيس الإدارة" ونذكّر بان العونين المذكورين من إطارات وزارة الفلاحة وانهما تحصلا على الرخص الادارية طبقا لمقتضيات القانون.
ان جبهة الخلاص الوطني تعتبر هذا الموقف مؤشرا خطيرا على تفشي الاستبداد واستفحال قمع الحريات وترهيب المواطنين لحملهم على التخلي عن حقوقهم السياسية، وهي اذ تعبر للموظفين السامين بوزارة الفلاحة عن تضامنها الكامل ووقوفها الى جانبهما فهي تدعو مرة أخرى كل القوى السياسية والمدنية الى الخروج عن انقساماتها والتحرك المشترك للذود عن الحريات وحماية مكتسبات ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي المجيدة.
عن جبهة الخلاص الوطني
أحمد نجيب الشابي .
إذن كان هذا بيان الجبهة ومثلما قلت لن أناقش منه إلا نقطتين فقط :
- النقطة الأولى : جاء في بيان الجبهة ما يلي : "... وإذ تستنكر جبهة الخلاص الوطني هذا التحريض المباشر من قبله ضد مواطنين...". وهنا أريد أن أسأل فقط : كيف فهمت الجبهة أن دعوة وزير الفلاحة ( وأطراف أخرى مسؤولة ) إلى اتخاذ الإجراءات القانونية ضدّ الموظّفين الساميين المخالفين تحريض من قبل رئيس الدولة ( صاحب السلطة حاليا ) ضدّهما ؟. وإذا اعتبرنا ذلك كذلك فماذا نسمّي ما جاء في الفقرة الأخيرة من بيان الجبهة؟. أليس تحريضا على الخروج عن السلطة بغير ما تتيحه الديمقراطية من أساليب؟.
- النقطة الثانية وهي الأهم حسب رأيي وتدل بلا أدنى شكّ على ما كنت أقول وتتعلّق بما جاء في النقطة الرابعة من بيان الجبهة.فقد أرادت الجبهة تبرير استعمال السيارتين الإداريتين في غير محلّهما فسقطت ( دون وعي لأنها فقدت الوعي منذ مدة ) في تبرير الخطأ وتبرير ما لا يبرّر.وهنا أريد أن أسأل " فلاسفة " الجبهة وأولهم أحمد نجيب الشابّي : كيف رأيت أن " ضرورة العمل " اقتضت الترخيص لموظّفين ساميين بحضور اجتماع الجبهة يوم 1 أكتوبر واستعمال السيارتين الإداريتين ؟. فهل يعمل هذان الموظفان لدى الجبهة أم لدى وزارة الفلاحة التي لا أعتقد أنها مكوّن من مكونات جبهة الخلاص؟.
ثم ما معنى أن الموظفين تحصّلا على الرخص الإدارية طبقا لمقتضيات القانون؟. هل يعني ذلك مثلا أن وزارة الفلاحة أو أية وزارة أخرى يمكن أن تمنح يوم 15 أكتوبر تراخيص لموظّفين سامين لحضور مسيرة حزب عبير موسي باستعمال السيارات الإدارية ؟. أنا لا أنتظر من السيد نجيب الشابي إجابة لأني متأكّد من أنه يعتبر أن ما قاله " تخلويض " ومجرّد تسجيل حضور وركوب على الحدث مثلما جرت العادة.
ويبقى في النهاية أن الجبهة عبّرت عن " تضامنها الكامل ووقوفها إلى جانبهم ". لكن عليّ أن أوضّح للناس أن التضامن مع الخطأ خطأ والتضامن مع الفساد فساد والتضامن مع الظلم ظلم مثله... وطبعا أتحدّث هنا من منطلق إذا ثبت فعلا أن الموظفين مخطئين ومتجاوزين وأن الجبهة تضامنت معهما لمجرّد أن الأمر يتعلّق بمعارضة قيس سعيّد ليس إلا.
جمال المالكي
التعليقات
علِّق