على قناة الجنوبية : تمجيد لعهدي بورقيبة وبن علي وسخرية من الثورة التونسية التي لولاها ما فتح " التافهون " أفواههم

على قناة الجنوبية : تمجيد لعهدي بورقيبة وبن علي وسخرية من الثورة التونسية  التي لولاها ما فتح " التافهون " أفواههم

لعلّ أبلغ ما قيل عن الثورة التونسية أنها رفعت من شأن التافهين و" دفنت " أحرار هذه البلاد فأصبحوا في أسفل سافلين . ولعلّي لا آتي بجديد عندما أقول إن الكثير ممّن يتصدّرون المشهد اليوم ويعتلون المنابر و" يفتون " في كل شيء هم أنفسهم من كانوا بالأمس القريب لا يجرؤون على فتح أفواههم إلا عند طبيب الأسنان ... وهم أنفسهم من كانوا يرتعدون  رعبا وخوفا  من أن تسمعهم الحيطان فتنقل ما يدور في أدمغتهم إلى رئيس شعبة أو عمدة لا يتجرّؤون على نقده أو معارضته حتى لو كان ظالما أو مارقا أمام أمّ أعينهم .

ولعلّ من عجائب الدهر أن تنطلق ألسنة التافهين من عقالها فلا يجد أصحاب الألسن التي لم نسمح لها " حفيفا " في السابق حرجا في السخرية من ثورة جعلتهم أحرارا يفعلون ما يريدون ويقولون ما يريدون . وبكل تأكيد فإن الأمثلة عديدة وكثيرة . لكن سأكتفي هنا بما نشاهده يوميّا على قناة " المزيّف " العجرودي أي قناة الجنوبية . فقد أصبحت هذه القناة منذ فترة منبرا لكل من يدّعي أنه بورقيبي أو تجمّعي أو " عبيري " ( نسبة إلى عبير موسي ) ليفرغوا شحنات الحقد التي بداخلهم على الثورة ومن قاموا بالثورة وأهل الثورة وجدّ والدي الثورة . ومن هؤلاء أذكر بالخصوص المحامي الهاشمي الحذيري والعروسي الهاني الذي يقول إنه رئيس جمعية وفاء للإرث البورقيبي . هذان الرجلان اللذان لم نسمع لهما حرفا واحدا في بورقيبة في عهد بن علي أصبحت لهما اليوم صولات وجولات و " فتاوى " لا يشقّ لها غبار. ومع الإقرار بأن كل واحد حرّ في انتمائه وفي تفكيره فإن ما لا أفهمه هو هذا التمجيد المتكرر لعهدي بورقيبة وبن علي وهذا الهجوم الحاد على فترة ما بعد الثورة أو لنقل الجحود التام لفضل الثورة على التونسيين وعلى هذين الشخصين أيضا . صحيح أن الأوضاع في البلاد ليست في مستوى الطموحات وانتظارات التونسيين لكن هذا لا يشفع لهما ولا يبرّر أن يسخرا من ثورة أطلقت لسانيهما وجعلتهما لا ينظران يمينا وشمالا عندما يتكلّمان .

وبما أن الأمر من مأتاه لا يستغرب فإن هذه الهجمات على الثورة وعلى كافة السياسيين الحاليين ( باستثناء عبير موسي التي تجد في هذه القناة حظّا من السماء ) تجد من يرعاها ويباركها وهو منشّط البرنامج بوبكر الصغيّر الذي نعرف جميعا " نضالاته " أيام الجمر ونعرف أنه من النوع الذي لا يضيع أية فرصة للعودة إلى الأصل وأخذ نصيبه من شتم الثورة  والسخرية من أي  طرف ينتظر خيرا من الثورة .

إلى كل هؤلاء الذين باتوا لا يجدون أي حرج في التحدث بكل حريّة ( وذلك بفضل الثورة عليهم ) أقول إن الحياء  قد رحل من هذه البلاد على ما يبدو . وإذا رحل الحياء ارتفعت أصوات التافهين عالية لعلّ النسيان يبعد عنهم ويرحمهم من سياط التاريخ التي لا ترحم .

أقول مرّة أخرى إنها ثورة رغما وغصبا عنكم . وهي ثورة ستكتمل يوما فتكنس كل من يعاديها بالحنين إلى ماضيه التعيس ورغبته في إحياء عهد الاستبداد والظلم والقهر ومحاولة  تمجيده لأنّهم ببساطة كانوا مستفيدين من ذلك العهد فأتت الثورة لتمسح أفواههم من الغنيمة القديمة وتعيدهم إلى أحجام تليق بهم ويليقون بها .

جمال المالكي 

التعليقات

علِّق