على القناة الوطنية 1 : عندما يتحوّل خبر " بايت " يعرفه العالم كلّه إلى خبر رئيسي في نشرة أنباء الظهر ؟؟؟
في كثير من الأحيان أسائل نفسي: هل إن كافة منتقدي الإعلام ( والعمومي منه بصفة خاصة ) كلّهم على خطأ أم إن دفاعنا عن الإعلام " الحقيقي " لا يعدو أن يكون دفاعا بديهيّا وقطاعيا مثلما يحصل في أغلب القطاعات؟.
وفي أحيان كثيرة أجد أن الكثير ممّن ينتقدون الإعلام ويوجّهون إليه أصابع الاتهام ويصفونه بالضعف وعدم الحرفيّة عل حق في أغلب ما يقولون والأمثلة باتت للأسف لا تحصى ولا تعدّ.
وفي هذا السياق أي غياب الحرفية والمهنية سأكتفي اليوم بذكر ما يلي : في أخبار الواحدة من ظهار اليوم الخميس 2022 افتتحت قارئة النشرة بخبر بات معلوما من كافة التونسيين والتونسيات وربما من كافة سكان المعمورة إذ قالت في نبرة " حربيّة " أو كمن يزفّ لنا خبرا خطيرا وخاصا لا يعلمه إلا هو والله : إحالة ملف الاستيلاء على مبلغ 100 ألف أورو من داخل شاحنة لنقل الأموال على الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية بالقرجاني... ثم مرت إلى بقية العناوين. وفي القاعدة الصحفية يسمّى هذا خبرا رئيسيّا تفتتح به وسيلة الإعلام بقية أخبارها لأنه ( مبدئيا وحرفيّا ) أهم تلك الأخبار على الإطلاق... وهذا يصحّ طبعا لو أنه ورد في نشرة يوم أمس الاربعاء 90نوفمبر 2022 ... أما أن يكون خبرا رئيسيّا بعد مرور أكثر من 24 ساعة فإن هذا ليس له أي معنى سوى أحد أمرين:
- إما أنه دليل على غياب الحرفية والمهنية في قناة عمرها تجاوز نصف قرن من الأقدمية والخبرة وهذا وحده مؤسف وغير مقبول ...
- وإما أنه " تحويل وجهة " اهتمام الناس بجوهر موضوع الخبر والنقاشات التي ما زالت تحوم حوله وحول كيفية الاستيلاء على تلك الأموال بتلك الطريقة وتلك التفسيرات التي لم تقنع أحدا... وعندما أقول : تحويل وجهة " فإني أتساءل في استنكار : ما معنى " إحالة ملف الاستيلاء على مبلغ 100 ألف أورو من داخل شاحنة لنقل الأموال على الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية بالقرجاني " ؟. هل كان أحد منّا يتخيّل مثلا أن يحال على إدارة الطبّ الرياضي والمدرسي بشارع محمد الخامس ( قرب ديوان الزيت ) على سبيل المثال؟؟؟.
وعندما أقول إن هذا الخبر " بايت " ومضى عليه أكثر من 24 ساعة فلأن كافة وسائل الإعلام تناولته يوم أمس وأتت على مختلف جوانبه ومنها مثلا الإذاعة الوطنية ( وهي شقيقة القناة الأولى التي انفصلت عنها منذ أعوام ) إذ جاء بالإذاعة وعلى موقعها الإلكتروني ما يلي :
" منوبة: إحالة ملف الاستيلاء على مبلغ 100 ألف أورو من داخل شاحنة لنقل الأموال على الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية بالقرجاني
أحالت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بمنوبة ظهر اليوم الأربعاء ملف الاستيلاء على مبلغ 100 ألف أورو من داخل شاحنة لنقل الأموال تابعة لإحدى الشركات الخاصة على أنظار الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية بالقرجاني لمباشرة الأبحاث اللازمة وكشف ملابسات اختفاء المبلغ الذي يشتبه أن يكون عون حراسة تابع للشركة قد استولى عليه بحسب الناطقة الرسمية للمحكمة الابتدائية بمنوبة سندس النويوي.".
وهنا أعود لأسأل مرة أخرى وبكل براءة : ما فائدة هذا الخبر إذ جعلنا منه خبرا رئيسيّا في نشرة رئيسيّة أيضا ؟؟؟.
جمال المالكي
التعليقات
علِّق