كانت سهرة ليلة البارحة بمسرح الهواء الطلق بدار الثقافة في القلعة الكبرى، ضمن فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان "مرايا الفنون"  الذي تنظمه جمعية إشراق للثقافة والفنون بالاشتراك مع دار الثقافة بالقلعة الكبرى، موعداً استثنائياً مع الفنان والعازف المبدع سيف الدين معيوف. جمهور غفير ملأ الفضاء منذ الساعات الأولى، غير أنّ الوقت مرّ سريعاً تاركاً في النفوس شيئاً من الأسف، فقد أراد الحاضرون المزيد من تلك اللحظات المفعمة بالموسيقى والشغف.

العرض الذي حمل عنوان "Targ’in" انطلق بأغنية "وعلى محمّد" المستوحاة من الموروث القلعي، وقد أعاد معيوف توزيعها بأسلوب خاص ميّز افتتاح الأمسية، تلتها لوحات كوريغرافية جذّابة أضفت على السهرة رونقاً فنياً لافتاً. ومن بين أبرز الأغاني التي قدّمها نذكر "عروسة محلاها"، "شعّلت شمع صوابعي نضوّيلك"، "صلّوا صلّوا"، "مازال عندي في غرامك قول"، "للصحراء اشتقنا بزيارة"، و"إما خافي وانسي الطّلة"، وكلها أعمال صوّرها معيوف في شكل كليبات موسيقية.

كما لم يخف الفنان اهتمامه بالمرأة، مقدّماً أغنية "الدنيا هذه عالمرا مبنية" من كلمات حنان العلوي، والتي سبق أن أداها في 12 أوت الجاري بقصر الرباط بالمنستير في إطار الاحتفال بعيد المرأة.

أمّا الجانب الذي خطف أنظار الجمهور فكان قدرة سيف الدين معيوف، أحد أبرز عازفي الساكسفون في تونس والمتقن للعزف على أكثر من 24 آلة موسيقية، على المزج بين الغناء والعزف في آن واحد، متنقلاً بسلاسة بين الألوان الموسيقية التونسية المتنوعة من مزود وقصبة وزكرة وسطمبالي وحضرة ومالوف، إلى جانب أغانٍ مستوحاة من التراث الوطني على غرار "ناقوس تكلم"، "لسود مقروني"، "ريت النجمة" و"علاش دلالة".

يُذكر أنّ سيف الدين معيوف، الأستاذ الجامعي المتحصّل على الدكتوراه في العلوم الموسيقية من المعهد العالي للموسيقى بتونس، جاب هذا الصيف عدداً من المهرجانات على غرار "سيدي بومنديل" بهرقلة و"الفسقية" بالقيروان، مقدّماً عروضاً متنوّعة تشهد على موهبة استثنائية وحرص دائم على التجديد.

ووجب التنويه الى أنه ضمن فعاليات الدورة، ستُقام ندوة علمية يوم غد السبت 23 أوت بعنوان: "التعبير الفني في الفضاء العمومي والسياسات الثقافية: أية علاقة؟". ستشهد الندوة مشاركة عدد من المثقفين والأساتذة الجامعيين المتخصصين في المجال الفني، من بينهم وزيرة الشؤون الثقافية السابقة سنية مبارك، والأساتذة أحمد خواجة، منذر مطيبع، فاتح بن عامر، والباحثة الفلسطينية في علم الاجتماع ميسر عطياني.

وتتولى إدارة الندوة الدكتورة والفنانة التشكيلية ربيعة بلطيفة، التي تشارك أيضاً في المعرض الفني المصاحب للمهرجان داخل فضاء دار الثقافة، إلى جانب مجموعة من الفنانين المميزين، منهم علي الزنايدي، إيمان بلحاج، ومروان العلان من فلسطين