عرض محفل - قرطاج 2023: فوضى بصريّة و استخفاف بالتراث اللاّمادي للبلاد

عرض محفل - قرطاج 2023: فوضى بصريّة و استخفاف بالتراث اللاّمادي للبلاد

 ككل عروض الإفتتاح في مهرجان قرطاج الدولي حظي عرض المحفل للفاضل الجزيري ببروبغاندا مميزة نظرا لقيمة صاحب العرض الفنية و لتشوق الجمهور للعروض السنوية لهذا المهرجان العريق. لكن هل إرتقى العرض للانتظارات و الآمال المعلقة عليه؟

عرض الجزيري لاقى اقبالا جماهيريا كبيرا حيث انطلق العرض بشابيك مغلقة بعد نفاد كل التذاكر . أضواء سجادة حمراء و ديكور مميز زين ركح الدورة 57 لمهرجان قرطاج .وكل المؤشرات تنبئ بعرض من الوزن الثقيل . الإنطلاقة كانت بشطحة الفارس سعداوي ودخول جواد للركح في عرض فرجوي شد كثيرا الجماهير العريضة.

ثم انطلقت الوصلات الغنائية من التراث التونسي و اجواء الأعراس من حناجر كل من الصوت المميز محمد علي شبيل و أصوات أخرى مثل نضال اليحياوي انيس العلوي و زبيدة بن محمود. ثم في مرحلة ثانية مع كل من محمد العايدي و اسامة النابلي . كما أبدعت آمنة الجزيري في أغنية "زينة زينة" خاصة انها اعتمدت زيا تقليديا بلمسات عصرية و كوريغرافيا خاصة بها خلال الأداء مع اعتماد الطبل كوسيلة ايقاع و فرجة. أثناء العرض استمعنا لأغاني مختلفة مثل هام دارو لعراس و اركزي على الرملة و غيرها... ابن الفاضل الجزيري علي الجزيري اختار أداء اغنية "بجاه الله يا حب اسمعنى" بطريقة مختلفة غير مستساغة الأغنية التي أبدعت في اداءها الفنانة الكبيرة امينة فاخت انمحت ملامحها و شوهت روحها تماما بعد ما اكتست حلة جديدة لم تناسبها بتاتا بأداء مبالغ فيه مع اعتماد حركات مغني الروك . الأغنية الموالية كانت "سيدي عبد القادر" من نصيب هيثم الحذيري أحد عناصر الكورال الوطني؛ الأداء لم يخدش المحتوى و الكلمات و تم إضافة توزيع جديد على اللحن المعروف.

الفاضل الجزيري اختار ان يكرم الفنان الراحل اسماعيل الحطاب في محفل من خلال تقديم اغنيتي " بين الوديان" و " دزيتيلي " مع اعتماد توزيع مختلف بٱلات عصرية. وقد شهد عرض محفل أول ظهور لنور شيبة بعد خروجه من السجن حيث اختار شيبة أن يرتدي اللون الأبيض و أن يحمل عكازه كالعادة ليشعل المسرح بأغنية " يا حب اشبيك" التي تفاعل معها الجمهور كثيرا. عموما محفل الفاضل الجزيري هو "توليفة " من أعماله السابقة النوبة و زازا و نجوم و اقتباس من عرضي الزيارة و عشاق الدنيا لعبد الحميد بوشناق .فلا جديد يذكر في ما قدم و نقاط قوة العرض جمال بعض الأصوات المؤدية و الأغاني المحبوبة و الخالدة في الذاكرة الشعبية و أداء الفرقة الموسيقية المميزة جدا .

ما عدى ذلك فلا وجود لإخراج جيد و لا سينوغرافيا في المستوى المطلوب . أما نقطة ضعف العرض الكبرى فهي الكوريغرافيا و الكم الهائل من الراقصين الذين سيطرو كليا على المسرح و لم يتم توظيفهم جيدا لخدمة العرض . حتى الرقصات المقدمة فهي لا تشبه الخطوات التونسية المعروفة في رقصنا الشعبي و أقل ما يقال عنها انها هجينة . و لا ننسى طبعا الازياء المعتمدة للراقصين و الكورال التي اثارت الكثير من السخرية لدى الحضور و لم تحترم الذوق العام و فيها حتى ازياء هندية لا تمت لتراثنا بأي صلة. لنشاهد فوضى بصرية بأتم معنى الكلمة اثرت سلبا على العرض و شوشت على حضور المغنيين و أثرت أيضاً على قيمة الأغاني المقدمة مع الاسف.

و للتذكير فان الفاضل الجزيري كان قد اكد قبل يوم من الافتتاح ان عرض "محفل" يعيد بناء طقوس الأعراس البدوية في مناطق مختلفة من تونس مع تثمين هذا التراث اللامادي برؤية معاصرة والمزج بين آلات تقليدية وأخرى حديثة.

لكن حسب ما شاهدناه و حسب انطباعات عدد من الصحفيين و الجماهير الحاضرة نقول له لقد أخطأت الهدف فالعرض بلاهوية وهو تشويه للتراث اللامادي التونسي.انتظرنا اكثر بكثير من الفاضل الجزيري الموسيقي و المسرحي و رجل السينما و صاحب اعمال من الوزن الثقيل على غرار " ثلاثون و خسوف و قيرة و ثورة صاحب الحمار و النوبة ..." لكن شاهدنا بإختصار فوضى بصرية و استسهال واضح في تقديم التراث اللامادي للبلاد و استخفاف بمهرجان عريق كمهرجان قرطاج الدولي. ختاما " سي الفاضل" لا ضير في مراجعة ذاتية لما قدم أمس و نحن فانتظار عمل آخر يليق بمكانتك و يرتقي لانتظاراتنا" .

و تجدر الإشارة ان افتتاح مهرجان قرطاج سجل حضور كل من وزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط الڨرمازي ؛ وزير املاك الدولة و الشؤون العقارية محمد الرقيق ؛ محافظ البنك المركزي مروان العباسي و مستشار رئيس الجمهورية وليد الحجام و عدد من الوجوه المعروفة كنجوى ميلاد و زهير الرايس و كوثر الباردي و اخرون.

إيناس

التعليقات

علِّق