عرض "سمايا" لمجموعة جيورجيان لاجند بمهرجان قرطاج بين رشاقة الرقص النسائي وعنفوان الرقص الرجالي

عرض "سمايا" لمجموعة جيورجيان لاجند بمهرجان قرطاج بين رشاقة الرقص النسائي وعنفوان الرقص الرجالي

 

قدم مهرجان قرطاج الدولي في سهرة الخميس 23 جويلية الجاري وفي إطار دورته الواحدة والخمسين عرضا من بين أجمل سهرات هذه الصائفة، يتعلق الأمر بعرض "سمايا" للبالي الجيورجي   "جورجيان ليجاند" الفرجوي  الإستعراضي الذي  نال إعجاب الجماهير النوعية التي حضرت السهرة وتفاعلت بإيجابية كبيرة مع مختلف فقرات العرض.
ومجوعة "جيورجيان لاجند " هي من بين الفرق الإستعراضية الأكثر شهرة في العالم وتحظى عروضها المستلهمة من التراث الشعبي والفني والثقافي لجورجيا ومنطقة القوقاز عموما باستحسان الجمهور والنقاد.
يتميز  عرض "سمايا" الذي صفق له الجمهور التونسي  بحماس بأنه يجمع في الآن نفسه بين أناقة النساء وليونتهن ورشاقتهن وبين قوة الرجال وعنفوانهم وقد ظهروا في أغلب اللوحات باللباس الحربي وبالأحذية الجلدية أو في ملابس الشتاء اتقاء الطقس البارد والقاسي الذي يميز المنطقة خاصة في فصل الشتاء وفي ملابس صيادي الدببة...
وقد استلطفت الجماهير بالخصوص رشاقة النساء ووقفتهن على أصابع الأقدام في مختلف اللوحات حتى لتبدو الراقصات بضفائرهنّ الطويلة كما لو كنّ   تسبحن في الفضاء لا تمشين على الأرض.
كان جمهور مهرجان قرطاج الدولي على امتداد ساعة ونصف على موعد مع سلسلة من اللوحات الراقصة والكوريغرافية المتنوعة التي استضافته فيها مجموعة "جيورجيان لاجند" إلى رحلة في منطقة القوقاز على الحدود الفاصلة بين أوروبا الشرقية وآسيا  بجبالها وبحارها (تنحصر بين البحر الأسود وبحر قزوين) وبثقافتها المتعددة بتنوع الأعراق والأجناس التي سكنت المنطقة منذ ما قبل التاريخ وبمناخها الخاص وبتقاليدها وعاداتها المختلفة  التي خلّفتها الحضارات المتعدّدة التي تعاقبت على المنطقة حتى وإن  كان الطابع الشرقي غالبا على الحياة بهذه المناطق.
تنوعت اللوحات بين لوحات  تجمع بين النساء والرجال وأخرى تضم رجالا بمفردهم أو نساء بمفردهن وإن كانت أغلبها متقنة وجميلة ومثيرة فإن البعض منها لفت الإنتباه وصفق لها الجمهور بأكثر حماس من بينها مثلا لوحة المبارزة بالسيف.
وهي رقصة   " الخفسريللي"   الجبلية التي يعتبرها سكان جورجيا الجمهورية المستقلة (التابعة سابقا للإتحاد السوفياتي) تعبر عن روح العنصر الجيورجي وجوهره، وهي فعلا لوحة جميلة جدا تنبع منها القوة والعنفوان والجرأة والإقدام وقد استمعنا فيها إلى قرقعة السّيوف كما شاهدنا شرارات من النار تخرج من ضرب السيوف بقوة بالغة إلى درجة الإبهار. وقد أتقن الشباب الذين كانوا متحصنين بالدروع المبارزة واستعراض القوة والفتوة والجميل في كل ذلك أن المعارك الطاحنة تقف بمجرد أن تقف امرأة بين المتنازعين.  ولا تعود المعركة وأحيانا بقوة أكبر حتى أن المبارز الوحيد يمكنه أن يواجه أكثر من خصم إلا بعد انسحاب المرأة وهي ترمز إلى مدى احترام المرأة وتقديرها حسب الثقافة الجيورجية.

ونشير كذلك إلى رقصة "سمايا" الذي استمد العرض منه تسميته  وهي رقصة نسائية احتفالية تشارك فيها ثلاث نساء شابات ورشيقات وأنيقات ترتدين أثوابا جميلة مزركشة ومصممة بشكل يظهر جمال الجسد وأناقة المظهر وتضعن على رؤوسهن تيجانا مرصعة وتمثل هذه الرقصة الهادئة والمخملية الإيمان بالفن والشعر والموسيقى كما أنها تكرم الملكة تامارا  التي يعتقد أن جورجيا عاشت عصرها الذهبي في عهدها ( العهد الذهبي فيما بين القرنين 12 و13 م) ولعله تجدر الإشارة بالمناسبة إلى أن دخول الإسلام إلى منطقة القوقاز ومنذ العهد المبكّر لم يقض على التنوع والإختلاف الثقافي وإنما حافظ على هذا التنوع وعاشت المنطقة طويلا ما يعرف بالتسامح الديني.  ومن الرقصات المثيرة كذلك رقصة الهونغا التي يسير فيها الأولاد والبنات على أطراف الأصابع وقد صفق الجمهور لهذه الرقصة الإحتفالية التي تشتهر بها منطقة أوستونيا.
ضم العرض لوحات تعبيريّة عن الأفراح والإحتفالات وهي لوحات تطغى عليها الخفة والدّعابة وتتنوع طريقة الإحتفال من منطقة إلى أخرى ففي المناطق الجبلية مثلا يطغى عنصر القوة على الرقص النسائي حيث تظهر المرأة مهارات عالية دون أن تفقد رشاقتها وأنوثتها. ونشير إلى أن الملابس من العناصر المميزة لهذا العرض الشرقي في روحه وفي شكله  وقد كان عرضا ملونا جدا حتى وإن طغى اللونان  الأحمر والأبيض إلى جانب اللون الأسود دون أن ننسى الوجوه الشابة المبتسمة على الركح والقدود الجميلة.

التعليقات

علِّق