"ضربني وبكى، سبقني وشكى"

"ضربني وبكى، سبقني وشكى"

بقلم نوفل بن عيسى

لقد اعتمدت عبير موسي منذ دخولها مجلس نواب الشعب أسلوبا إستفزازيا في التعبير والخطابة لتلعب بعدها دور الضحية. وقد جعلت من إشعال لهيب الحرب التي أشهرها بن علي على الاسلاميبن "أصلا تجاريا سياسيا" أثرته بالاستحواذ على الإرث البورقيبي و"الغاية تبرر الوسيلة".
وباصطناعها "الحدث الاعلامي" على طريقتها توفقت في جلب الانتباه إليها وصارت حديث الشارع وجمعت حولها من كانوا بالأمس تجمعيين وغيرهم من أعداء النهضة والسذج من جمهور الناخبين.
ومن الناحية المبدئية والاخلاقية فإن الاعتداء عليها أو على غيرها بالعنف كما حدث مؤخرا في "حلبة" المجلس غير مقبول إطلاقاً ولكن من هو المعتدي؟
 إنه الصحبي سمارة وقد كان وقت بن علي مدللا من طرف نظام  "الصانع"وبصفته "مناضل تجمعي أصيل" كان يتمتع بتمويل سخي عن طريق الوكالة التونسية للاتصال الخارجي حين كان "لعبير" موقع ووقع بالحزب بصفتها امينة عامة مساعدة مسنودة من ملهمتها سيدة العقربي.

وحقيقة الأمر أن عبير موسي ومن معها يعملون على الثأر لحزبهم المنحل والنظام البائد الذي كان يحميهم حين كانوا في البلاد "أسيادا” لتقزمهم الثورة بعد ذلك وتفضح أمرهم. ومنذ مدة تنظموا في أحزاب وجمعيات لتحقيق بتدبير من مافيات تسيرها وتمولها من خلف الستار وما "عبير" إلا "الجانب المرئي من جبل الجليد" وأداة تنفيذ لا غير.
وما صرح به الرئيس قيس سعيد في حديثه عما حصل بالمجلس النيابي بكونه "مسرحية سيئة الإخراج، فيها المخرج سيء وكذلك الممثلون" لا غرابة فيه خاصة وأنه ملم بالخفايا حسب قوله.

وقد تبين بما لا شك فيه بأن البلاد قد ابتليت ببارونات الفساد، إخوة الشياطين الذين في قلوبهم مرض، الذين يعملون على قيادة من بحكم البلاد والمسك بزمام الامور و السلطة الفعلية، وهذا ما صرح به رئيس الحكومة السابق الياس فخفاخ شهرا بعد استقالته من منصبه في حديث تلفزي "وإذ عرف السبب زال العجب".
وحين كانت الأستاذة سامية عبو مثلا تنقد وتنتقد النداء ووزرائه والنهضة وقادتها بأسلوبها اللاذع كانت جماعة ما يعبر عنها "بالعائلة الدستورية" مشمئزين ومصدومين من "تطاولها" على "رموز الدولة" ويعبرون على ذلك بشتى عبارات الازدراء.
وبعد فوزهم ببعض المقاعد النيابية صارت رئيسة كتلتهم تدخل المجلس بخوذة وإذا تكلمت صرخت على طريقة "القصاص" وعبرت بسلاطة اللسان وقبح الألفاظ. وهكذا تزعمت "عبير" العربدة تحت قبة البرلمان حتى وصل بها الأمر إلى احتجاز موقع رئيس المجلس رغم رمزيته وفي ذلك تعد صارخ على مؤسسة سيادية وحرمتها وعلى رموز الدولة وأبسط قواعد الديمقراطية واخلاقياتها.
وعلاوة على كون السيد راشد الغنوشي  محل نقد وانتقاد في صلب حزبه من المغتاظين من أسلوبه في رئاسة الحركة ومن "التوافق" الذي اعتمده كمنهج تشارك في الحكم إلى حد التشارك مع الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي زعيم المنقلبين على الثورة وأهدافها وتزكيته والتطبيع مع الفساد بالتحالف مع زعيم قلب تونس، فإن معارضيه من الاحزاب والاطياف السياسية الاخرى كثر ولكن لم يصل الشجار السياسي إلى هذا الحد من القذف والشتائم والألفاظ الدنيئة كما اعتادت على ذلك "عبير"  "وإن لم تستحى فافعل ما شئت".
والظاهر للعيان ولمن يتحلون بالموضوعية والقدرة على التحليل والتمييز بين الغث والسمين فإن غاية من يوظفون عبير موسي ومريديها٫ الرجوع بالبلاد إلى سياسة إقصاء المعارضين وتسيير البلاد بمقاربة "الحاكم بأمره" و"أمر الأمير" وكأنهم أصحابها، يعرفون ما يصلح  بشعبها دون سواهم ومرجعهم في ذلك حكم بورقيبة والحزب الاشتراكي الدستوري وكذلك حكم بن علي والتجمع الدستوري الديمقراطي وبما أنهم "يخفون في أنفسهم ما لا يبدون"، يسوقون ما مفاده أن مصلحة البلاد تقضي إقصاء النهضة من المشهد السياسي وإزاحة زعيمها من رئاسة مجلس نواب الشعب والرجوع إلى مناهج "السلف الصالح" من الدستوريين" في القيادة والحكم وإلى النظام الرئاسي ودستور 1959 ولكن حقيقة مبتغاهم تتمثل في الحكم والتحكم  ليس إلا وكأن بليلى الطرابلسي التي توعدت "بحرق تونس بالنار" بعد إزاحتها وزوجها من الحكم مازالت لها آذان صاغية بيننا وعليه فإنهم أشهروا سيوفهم ولسان حالهم يقول "علي وعلى أعدائي"حتى وإن استلزم الأمر تدمير البلاد و"الشيء من مأتاه لا يستغرب". 

التعليقات

علِّق