ضابطة حفظ سلام تونسية تفوز بجائزة أممية مرموقة وتقول: المرأة قادرة وما من مجال حكرا على الرجال

ضابطة حفظ سلام تونسية تفوز بجائزة أممية مرموقة وتقول: المرأة قادرة وما من مجال حكرا على الرجال

 

أحلام الدوزي، ضابطة حفظ سلام تونسية تعمل مع بعثة الامم المتحدة لحفظ السلام في الكونغو الديمقراطية. فازت الرائدة أحلام الدوزي، بجائزة الأمم المتحدة الرائدة التي تمنح للموظفات العاملات في مجال العدالة والمؤسسات الإصلاحية.

فازت الرائدة أحلام الدوزي - وهي ضابطة حفظ سلام تونسية تعمل حاليا مع بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جمهورية الكونغو الديمقراطية (مونوسكو) - بجائزة الأمم المتحدة الرائدة التي تمنح للموظفات العاملات في مجال العدالة والمؤسسات الإصلاحية. الرائدة أحلام الدوزي متخصصة في الذخيرة والأسلحة، وهي أول خبيرة في هذا المجال تعمل مع بعثة مونوسكو.

أخبار الأمم المتحدة تحدثت مع الرائدة الدوزي قبيل تسلمها الجائزة، خلال حفل أقيم في نيويورك اليوم الثلاثاء، حيث أعربت عن خالص فخرها وامتنانها لحصولها على هذه الجائزة، وقالت: "أن تكوني رائدة هذا يعني أن تكوني قدوة، وتتحدي الأعراف، وتفتحي الأبواب أمام الآخرين".

قادت الرائدة الدوزي سلسلة من التحقيقات الفنية غير المسبوقة في الجرائم الخطيرة التي تضع الأساس لمحاسبة الجناة. ومن خلال دعمها للفريق المشترك المعني بفحص الذخيرة - وهو شراكة بين السلطات الكونغولية وبعثة مونوسكو - قدمت تحليلات في مجاليْ الطب الشرعي والأسلحة والذخيرة بشأن الجرائم التي تنطوي على هجمات ضد المدنيين وقوات حفظ السلام.

وقالت الدوزي إن العمل في مجال يهيمن عليه الذكور، بشكل كبير، يمثل تحديا بالتأكيد. ولكنه يشكل أيضا فرصة لكسر الحواجز الجنسانية وتمهيد الطريق أمام نساء أخريات يطمحن في ممارسة وظائف في مجالات مماثلة. المزيد في الحوار التالي:

 الرائدة أحلام الدوزي، مرحبا بك وتهانينا بمناسبة الفوز بهذه الجائزة. أنت تعملين حاليا مع بعثة مونوسكو في الكونغو الديمقراطية. وجئت إلى نيويورك لاستلام الجائزة. أولا، ماذا يعني لك الفوز بهذه الجائزة؟ 

الرائدة أحلام الدوزي: أولا، السلام عليكم ورحمة الله. أنا الرائد أحلام الدوزي. أنتمي إلى الجيش التونسي وأحمل رتبة رائد. التحقت بالمهمة الأممية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، منذ ثلاث سنوات، وهي المرة الثانية لي في مهمة لحفظ السلام. كانت مهمتي الأولى في مالي لمدة سنة بين 2018 و2019، ثم بعد ذلك عدت إلى تونس، قبل أن تأتيني الفرصة مجددا لكي ألتحق ببعثة مونوسكو في جمهورية الكونغو الديمقراطية كخبيرة في الذخيرة والأسلحة، وقضيت إلى الآن ثلاث سنوات.

عملت في العاصمة كينشاسا لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك انتقلت إلى غوما وهي من المناطق التي تشهد صراعا دائما وتكثر فيها الجرائم خاصة ضد العناصر التابعة لبعثة حفظ السلام. التحقت هناك باعتباري أول خبيرة في الأسلحة والذخيرة لتعزيز العدالة. والحمد لله، ولحسن الحظ، قمت بأعمال ساهمت في اختياري للفوز بهذه الجائزة. نسيت أن أذكر أنه في المهمة الأولى عملت مستشارة في المساواة بين الجنسين. ولحسن الحظ أن مهمتي الثانية كانت في مجال آخر مغاير تماما، وقد ساعدني ذلك في اختبار مجال آخر أكثر تخصصا وخاصة أنني مهندسة في الأسلحة والذخيرة، والحمد لله حققت المهمة نجاحا وهو ما جعلني هنا ضيفة لديك في هذا اليوم لاستلام هذه الجائزة. 

 وماذا تعني لك هذه الجائزة؟

الرائدة أحلام الدوزي: أنا أتشرف باستلام هذه الجائزة وأعتبرها نجاحا للمرأة التونسية خارج الوطن. من الجيد أن يعطي المرء صورة جيدة عن بلده وعن الجيش التونسي خاصة، كما أنني لا أنكر أنني هنا لا أمثل المرأة التونسية فقط وإنما أمثل المرأة العربية في العموم. فأنا لكوني أول امرأة عربية تتلقى هذه الجائزة فهو أكيد يمثل فخرا للمرأة العربية عموما.

 حدثينا عن عملك اليومي في بعثة مونوسكو؟

الرائدة أحلام الدوزي: أنا أشتغل بالأساس في قسم دعم العدالة. يتمحور عملي حول التعامل مع قوات حفظ السلام في الكونغو الديمقراطية، وكذلك مع الجهات الكونغولية التي تشتغل في إطار العدالة العسكرية. وبحكم أنني أتكلم اللغتين الفرنسية والإنجليزية، فقد سهل ذلك كثيرا التواصل مع الكونغولويين الذين يتحدثون الفرنسية. 

تركز شغلي في الأساس على الجرائم التي تستهدف قوات حفظ السلام في الكونغو الديمقراطية، ولحسن الحظ أعتبر نفسي أول خبيرة أسلحة وذخيرة أعمل من أجل تطوير قطاع العدالة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، الأمر الذي ساهم في تحقيق النجاح. وخير مثال على ذلك هو استدعائي هنا لاستلام الجائزة، لأنني ساهمت بعض الشيء من خلال عملي بوصفي خبيرة في الأسلحة والذخيرة، حيث أسعى إلى التعرف على نوع الأسلحة المستعملة في مثل هذه الجرائم، وبالتالي أحدد الجانب المسؤول عن اقتراف مثل هذه الجرائم. 

 من أين نبع اهتمامك بمجال العدالة؟

الرائدة أحلام الدوزي: نبع اهتمامي بمجال العدالة من إيماني بقوة وبأهمية ما يسمى بتنوير جانب العدالة وكشف المجرمين الذين ارتكبوا الجرائم لأن ذلك سيساعد في معرفة المجرمين وتقديمهم للعدالة، وكذلك ردع كل من يفكرون بارتكاب أي نوع من الجرائم، بل الاتعاظ والتأكد من عدم القيام بأي جريمة، بأي شكل من الأشكال. وأيضا لإيماني بأهمية حماية عناصر حفظ السلام لأن منطقة غوما التي كنت أعمل فيها شهدت كثرة في الجرائم التي استهدفت قوات حفظ السلام. بوصفي أول خبيرة في الأسلحة والذخيرة أعتبر نفسي محظوظة لأنني ساهمت، بعض الشيء، في الكشف عن المجرمين وتنوير العدالة، وكذلك في المساهمة في حماية حفظة السلام من الكثير من هذه الجرائم.

 في كثير من الأحيان والمواقف ربما تكتشفين أنك المرأة الوحيدة التي تعمل في هذا المجال. كيف يبدو العمل في مجال يهيمن عليه الرجال؟ 

الرائدة أحلام الدوزي: كلامك صحيح. تولي وظيفة هي بالأساس يقوم بها الرجال. أنا أخذتها، لأكون صريحة، كتحدٍ لكي أبرهن أنه لا شيء يصعب على المرأة. 

سأفتح الباب لكثير من النساء كي يشتغلن في نفس المجال ولا يقولن إن هذا حكر على الرجال فقط

المرأة هي نصف المجتمع، فلماذا نقوم بإقصائها من المجتمع؟ ولماذا نقوم بإقصائها من بعض الوظائف؟ إذن يجب أن نتيح لها الفرصة لتعمل في الجانب الحرفي، ولتشتغل مع الرجل، ولتثبت أن لها نفس المهارات لكي تفرض نفسها. اعتبر نفسي محظوظة والحمد لله أنني سأفتح الباب لكثير من النساء كي يشتغلن في نفس المجال، ولكي لا يقولن إن هذا المجال حكر على الرجال فقط، بل هو يشمل الجنسين – فمثلما يستطيع الرجال العمل تستطيع المرأة أيضا العمل مثلهم وأن تبدع في مجالها أيضا. والحمد لله أنني توجت بهذه الجائزة التي أعتبرها نجاحا ليس لي فقط، بل نجاح للمرأة عموما في اقتحام مجال كان يعتبر ذكوريا بالأساس. أنا أشجع المرأة عموما ألا تخاف وتقول لا أستطيع أن أعمل في ذلك المجال لأنه مجال حكر فقط على الرجال. يجب على المرأة أن تمنح نفسها فرصة كي تبرهن على أنها قادرة على العمل في نفس المجال مع الرجال، وأنها تستطيع أن تشتغل على قدم المساواة معهم.

أخبار الأمم المتحدة: وما رسالتك لمن يشككون في قدرات المرأة وإمكانياتها في أن بإمكانها العمل في هذا المجال؟ 

الرائدة أحلام الدوزي: هناك عنصر من المجتمع يعتبر أن دور المرأة يقتصر بالأساس على جانب معين أو البقاء في المنزل. أريد أن أغير هذا لأنه بالأساس هذه فكرة يجب تغييرها. 

رسالتي إلى هذه الفئة هي أن المرأة قادرة على أن تعمل على قدم المساواة مع الرجل وأن تبرهن أنها قادرة على أن تتميز وليس فقط أن تشتغل في نفس مجال الرجل، وأيضا قادرة على أن تتميز في كثير من المهمات التي نعتبرها حكرا على الرجال.

 بعد سنوات من عملك في هذا المجال، هل لديك قصة أو تجربة معينة تودين مشاركتها معنا؟ 

الرائدة أحلام الدوزي: مشاركة النساء ما زالت ضعيفة خاصة في مجال العدالة والسجون. أنا من منبري هذا أشجع المرأة، أولا، على أن تعطي فرصة لنفسها كي تعمل في مجال حفظ السلام، وأيضا بحكم أنني أتيحت لي الفرصة للعمل في مالي وفي الكونغو الديمقراطية لاحظت أن نسبة النساء قليلة، لذا فالقصة التي أريد أن أشاركها مع كل الناس عموما ومع المرأة خاصة هي أن تعطي لنفسها فرصة، ويبدأ ذلك من خلال تبنيها لفكرة أنها قادرة، لأنه بمجرد أن تعتبر أنك قادر على فعل هذا الشيء، وأن تثابر وتبذل مجهودا للوصول إليه، فأنت قادر، إذن فالرغبة أولا وأساسا، الرغبة في أن تعتبر نفسها أنها قادرة، لأنه عندما تقول أنا قادر على فعل هذا الشيء، ستسعى لتحقيقه على الرغم من أن غيرك يعتبره مستحيلا. 

لذا، فالعبرة التي أريد أن أعطيها لغيري هي أن تتبنى المرأة في عقلها الباطن فكرة أنها قادرة على فعل أي شيء، وليس هناك أي شيء مستحيل، و ليس هناك أي شيء حكرا على الرجل، فهي قادرة أن تقتحم المجال الذي يشتغل فيه الرجل - ولما لا أن تبدع ولما لا تكون في مواقع ومناصب اتخاذ القرار، لأن ما لاحظته من خلال مهمتي حفظ السلام اللتين قمت بهما في مالي والكونغو الديمقراطية لاحظت أن مشاركة النساء تكون أساسا في المهام اللوجستية، مثل الجانب الطبي وليس هناك انضمام للمرأة في الجانب العملياتي أو في مناصب اتخاذ القرار. 

لا يكفي أن نقول إن المرأة موجودة، بل يجب أن تكون في مكان اتخاذ القرار

لا يكفي أن نقول إن المرأة موجودة، بل يجب أن تكون في مكان اتخاذ القرار وفي الجانب العملياتي لتبرهن أنها قادرة، وبأنها تستطيع أن تكون على قدم المساواة مع الرجل وفي جميع المجالات. لا توجد مجالات تعد حكرا على الرجل، تستطيع المرأة المشاركة في كافة المجالات وتستطيع أن تبدع.

التعليقات

علِّق