تمثال جديد لبورقيبة في صفاقس : الدولة تتعمّد إهدار المال العام واستفزاز الشعب الذي يكاد يقتله الفقر والجوع

تمثال جديد لبورقيبة في صفاقس : الدولة  تتعمّد  إهدار المال العام واستفزاز الشعب  الذي يكاد يقتله الفقر والجوع


يقول الخبر : تجمع مساء أمس السبت عدد من المثقفين ونشطاء المجتمع المدني والسياسي بصفاقس أمام المفترق الدائري "صفاقس 2000 " حيث تقام أشغال تركيز تمثال الزعيم الراحل "الحبيب بورقيبة" في حركة احتجاجية رمزية دعت إليها أطراف مدنية عبر   "فايسبوك" للتعبير عن  رفضهم نصب تمثال بورقيبة . ورفع المحتجون  خلال هذه الوقفة  لافتات منها على سبيل المثال : "نريد تنمية لا أصناما" و"النيابة الخصوصية تساهم بشكل لافت في إهدار المال العام" . كما رفعوا شعار "ديقاج" في وجه رئيس النيابة الخصوصية لبلدية صفاقس .
وبقطع النظر عن بعض الآراء التي تبرّر رفض تركيز هذا التمثال  بأن بورقيبة  ظلم صفاقس  ظلما كبيرا خاصة من خلال تركيز معمل " السياب " الذي جعل صفاقس الأولى إفريقيّا في الإصابة بالسرطان  للأسف الشديد ... وكذلك بعض الآراء الأخرى التي تنبني على خلفيات سياسية فإن السؤال الذي يفرض نفسه  سواء تعلّق الأمر بصفاقس  أو بغيرها من أنحاء البلاد التونسية : ما هي أولويات الدولة والتونسيين في الوقت الراهن ... هل البحث عن الخروج  من الأزمة الاقتصادية الخانقة  أم تركيز الأصنام  هنا وهناك بما يعني ذلك من نفقات  من خزينة البلاد ؟.
وبعيدا عن الجوانب السياسية  التي يمكن أن نختلف فيها أو نلتقي فإن الواضح  أن الدولة التونسية إما لا تعيش مع شعبها وإما لا تعتمّ بما يعاني شعبها ... وفي الحالتين يا لخيبة المسعى . فالمواطن التونسي يكاد يطلق النفس الأخير من فرط ما دمّرته الحياة والأسعار وغلاء المعيشة . وهو اليوم يرى بعينيه  كل شيء في الأسواق والمتاجر وغيرها ويموت غيظا وكمدا لعجزه عن ملء قفّة صغيرة لا معنى لها . وفي المقابل فإن نفس المواطن يرى بعينيه استشراء الفساد والسرقات  والنهب في كافة أرجاء البلاد ويرى أيضا كيف يهدر المال العام من قبل مسؤولين من المفروض أن يحافظوا على هذا المال  لا أن يهدروه في ما لا يعني .
ولا نعتقد ( وفي هذا الظرف بالذات ) أن تركيز صنم لبورقيبة أو لغيره  سينفع التونسيين  في أي شيء . فالتونسي الذي يعجز عن توفير لقمة العيش لن يذهب إلى تمثال بورقيبة فيقتطع منه " لقشة " ليتعشّى بها صحبة أبنائه . ولا نعتقد أيضا أن صنم بورقيبة  أو غيره سيعيد للدينار هيبته وللاقتصاد إشعاعه . ولا نعتقد كذلك أن بلدية صفاقس ليس لها ما تفعل أو أنجزت كافة المشاريع التي ينتظرها المواطن فوجدت نفسها  فجأة  " بطّالة " ليس لها أي عمل فأرادت أن تتسلّى قليلا فنامت وصحت وقررت تركيز صنم لبورقيبة .
إن هذا العمل ليس له أي تفسير إلا إهدار المال العام  بقطع النظر عن الطرف الذي يقف وراء القرار. وإهدار المال العام يدخل في إطار سوء التصرّف  حتى لا نقول شيئا آخر . وبناء على هذا نريد موقفا واضحا من رئاسة الحكومة   يفسّر لنا هذه المسألة  ويجيب عن السؤال الحارق : هل إن تركيز الأصنام والتماثيل من الأولويات  المؤكّدة  وهل تعي الحكومة  ( ومن معها ) أن هذا استفزاز كبير لملايين من التونسيين  نرجو طبعا ألّا يكون مقصودا .
جمال المالكي

التعليقات

علِّق