صلاحيّات " فرعونية " للرئيس سعيّد ،إيقاف المعارضين وقمع الإعلام ... وداعا للديمقراطية في تونس !
بقلم : شكري الشيحي
عندما ارتفعت الأصوات في تونس وفي غيرها من دول «الربيع العربي» من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية، كان الأمل في حياة أفضل يتراءى لها حلماً وشيك التحقق، ولكنه مع الوقت تحوّل هذا الحلم إلى كابوس جاثم على النفوس.
في تونس كان الاعتقاد يسود بوجود مسار انتقالي وديمقراطي بين أطراف تتنافس على السلطة والحكم، غير أنّ " الإنقلاب الذي قام به الرئيس قيس سعيّد في 25 جويلية من سنة 2021 عبر حلّ البرلمان وإقالة الحكومة ثم حل هيئات الإنتخابات المستقلة والمجلس الأعلى للقضاء وإيقاف معارضين سياسيين ورجال أعمال وصحفيين حوّل حلم الديمقراطية إلى " جحيم " .
وتواترت تبعا لذلك مؤشرات القلق ودعوات متواصلة من هيئات دولية من أجل حماية المسار الديمقراطي في البلد الوحيد في "الربيع العربي" الذي تمكن منذ ثورة 2011 من تحقيق انتقال ديمقراطي وتعزيز حرية التعبير.
ومنذ 11 فيفري الجاري بدأت السلطات التونسية حملة اعتقالات ومن بين الموقوفين القيادي في حركة النهضة نورالدين البحيري والوزير الأسبق لزهر العكرمي والمدير العام لإذاعة "موزاييك أف أم" المحلية الخاصة نورالدين بوطار ورجل الأعمال كمال لطيف والقيادي السابق في حركة النهضة عبدالحميد الجلاصي والسياسي خيام التركي إضافة إلى القاضيين المعزولين البشير العكرمي والطيب راشد ثم الأمين العام للتيار الديمقراطي غازي الشواشي والناشط السياسي جوهر بن مبارك والحقوقية شيماء عيسى ونواب سابقين على غرار وليد جلاد .
واعتبرت منظمة العفو الدولية غير الحكومية أن حملة الاعتقالات "محاولة متعمدة للتضييق على المعارضة ولاسيما الانتقادات الموجهة للرئيس" وحثت سعيد على وقف هذه الحملة التي لها اعتبارات سياسية.
ووصف الرئيس قيس سعيد الموقوفين بـ"الإرهابيين" واتهمهم بالتآمر لضرب أمن الدولة والتلاعب بأسعار السلع الأساية لتأجيج التوترات الاجتماعية.
ولئن يشدد سعيد مرارا على استقلال المنظومة القضائية فإن المعارضة تتهمه باستخدام القضاء لملاحقة الرافضين لإجراءات استثنائية بدأ فرضها في 25 جويلية 2021 ما أحدث انقساما حادا بين قوى تساند المسار وأخرى تعارضه.
ومن أبرز هذه الإجراءات حل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة وإقرار دستور جديد عبر استفتاء.
وتعتبر قوى في تونس ومن بينها الحزب الجمهوري تلك الإجراءات "تكريسا لحكم فردي مطلق"، بينما تراها قوى أخرى "تصحيحا لمسارة ثورة 2011".
وكان للرئيس سعيّد ما أراد بعد سنتين من توليه للحكم وترذيله لكل الشخصيات الوطنية والمؤسسات الديمقراطية، حيث كانت الشعبوية السلاح الفتاك الذي جعل من تونس مطمعا حقيقيا لأعداء الديمقراطية حتى تعود إلى نادي الاستبداد. بالتالي يمكننا القول إن وصفة الشعبوية وشعاراتها الرنانة لعبت دورا رئيسيا في إيهام الشعب التونسي بأن الديمقراطية فاسدة وأن الحكم الفردي هو طوق النجاة.
اليوم يملك الرئيس قيس سعيّد صلاحيات " فرعونية " فهو يقود الجيش والأمن والقضاء والولاة والبلديات ، حتى الهيئات المستقلة فقد تحولت إلى " خاتم " في إصبعه .. ولم يبقى له سوى أن يضعه يديه على النشرة الجوية .. ومن يدري فقد يفعلها سعيّد
التعليقات
علِّق