سلاسل التوريد في زمن التعريفات الترمبية

في خطوة أثارت قلقًا واسعًا في الأسواق العالمية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن فرض تعريفات جمركية جديدة بنسبة 30% على واردات من الاتحاد الأوروبي والمكسيك، ستدخل حيز التنفيذ مطلع أوت 2025. هذه الخطوة جاءت استكمالًا لرسوم فرضها سابقًا على كندا (35%)، اليابان وكوريا (25%).
هذه الإجراءات التعريفية الترمبية المشطة التي جاءت تحت مسوغ الأمن القومي وتقليص العجز التجاري، ستترك بالتأكيد أثرًا بالغًا على قطاع النقل والشحن وسلاسل الإمداد العالمية، التي أصبحت أكثر تعقيدًا وتكلفة.
1. التكاليف ترتفع .... وكل شيء يتأخر
أول ما أصيب هو النقل والتوريد.
تكاليف الشحن ارتفعت، بعض البضائع لم تعد تصل في وقتها، والبيروقراطية الجمركية زادت تعقيدًا.
شركات كثيرة بدأت تراجع حساباتها. البعض يبحث عن موردين جدد، والبعض الآخر يختار تقليص الإنتاج أو رفع الأسعار.
2. الموانئ تختنق… والخريطة تتغيّر
مع اقتراب أوت، بدأ السباق لتسليم البضائع قبل دخول الرسوم حيّز التنفيذ.
الموانئ الأوروبية أصبحت مزدحمة.
وفي نفس الوقت، ظهرت موانئ بديلة في مناطق مثل المغرب، تركيا ومصر كخيار للشركات التي تبحث عن طرق أسرع وأقل تكلفة.
حتى خطوط السكك الحديدية القديمة التي تعبر آسيا، عاد الحديث عنها كممرات بديلة.
3. تأثير مباشر على الصناعات… والأسواق تترنح
الصناعات الكبرى، مثل السيارات والإلكترونيات، بدأت تشعر بالضغط.
ارتفاع أسعار المواد الأولية وتأخر وصولها جعل التخطيط أصعب.
أما في البورصات، فقد بدأت أسهم شركات الشحن والخدمات اللوجستية بالانخفاض، والقلق ينتشر.
4. الأسعار في ارتفاع… والتضخم يعود
كلما تعقدت سلاسل التوريد، زادت الكلفة على المنتج النهائي.
وهذا يعني غلاء في الأسعار، خاصة في الدول التي تعتمد على الاستيراد.
وهذا الغلاء قد يعيد الضغوط التضخمية إلى الواجهة، في وقت لم تتعافَ فيه أغلب الاقتصادات من أزمات السنوات الماضية.
5. كيف تتعامل الشركات مع الوضع؟
:بعض الشركات بدأت بالفعل في اتخاذ قرارات حاسمة
تنويع مصادر الشراء، الاستثمار في الرقمنة، وإعادة التفاوض على العقود.
لكن حتى هذه الخطوات لا تضمن الاستقرار الكامل، لأن الخلل أصبح عالميًّا… وليس تقنيا فقط
من هنا نخلص الى أن عالم اليوم يشهد تحولًا جذريًا من نموذج العولمة التقليدي الذي كان يُعلي من شأن الكفاءة وخفض التكاليف، إلى نموذج أكثر استراتيجية يُعنى بمرونة سلاسل الإمداد وتوزيع المخاطر. فقد كشفت السياسات التجارية التي تبنتها إدارة ترامب مؤخرًا عن هشاشة الاعتماد المفرط على مسارات توريد محددة، مما أعاد تسليط الضوء على أهمية بناء منظومات إمداد أكثر توازنًا واستدامة.
بقلم محمد معاذ شارد
متخصص في إدارة الأعمال وسلاسل الإمداد
التعليقات
علِّق