قال رئيس الحكومة في غمرة  " نكبة الجنوب " التي تسببت فيها فيضانات  الأمطار الأخيرة إنه  يتمنّى أن تكون هذه الأمطار طالع خير على الفلاحة والفلاحين بتلك الربوع .
وفي نفس الإطار قال والي  قابس إثر زيارة رئيس الحكومة  " إن المعنويات مرتفعة جدا بعد زيارة السيد رئيس الحكومة للجهة ...".
أما رئيس الحكومة فمن الواضح أنه يعاني من مشكلة عويصة اسمها الإتصال أو تقنيات الاتصال إن شئنا . فعندما يتعلّق الأمر بأرواح ناس ذهبت بها الأمطار الغزيرة  لا يمكن بأي حال من الأحوال الحديث عن " طالع خير للفلاحة والفلاحين "  لأن ما حصل كان كارثة دمّرت ما استطاعت وجرفت معها أرواح بشر ربّما ما كانوا يذهبون بتلك الصفة لو أن ربوع الجنوب أخذت جزءا من حقّها في الإهتمام منذ السنوات الأولى من الاستقلال .
وأما الوالي فيبدو واضحا أنه لم يتخلّص من رواسب الخطاب القديم الذي يؤلّه " المسؤول الأول " ويجعله  سببا في كل ما هو إيجابي  ومن خطاب  التزلّف  والتقرب إلى الحاكم بكافة الوسائل حتى لو كان ذلك على حساب مشاعر المواطنين . فعن أيّة معنويات وعن أي " ارتفاع " يتحدّث الوالي والحال أن المياه وحدها هي التي ارتفعت  وجرفت الأرواح  والمتاع  ولولا ألطاف الله وجهود الحماية المدنية  والجيش والأمن  ( رغم نقص الإمكانات ) لكانت الحصيلة أكبر وأدهى وأمرّ ؟؟؟.
نأتي الآن إلى بعض وسائل الإعلام التي تابعت الحدث خلال يومين أو أكثر . فقد فرّقت دون أن تشعر أو ربّما بإدراك منها بين التونسيين عندما أطلقت صفة الشهيد على رئيس مركز الحرس الذي تم العثور على جثّته بينما جحدت هذه الصفة عن المواطنين الآخرين الذين لقوا حتفهم في هذه الكارثة الوطنية . وبكل تأكيد فإن رئيس المركز هو شهيد المهنة والواجب لكن بقية المواطنين هم أيضا شهداء  ذهبوا ضحايا لإهمال الدولة منذ أكثر من 60 عاما ولقلّة الحيلة ولعدّة أشياء أخرى .
ولو عدنا إلى حكاية " الأخطاء الإتصالية " لوجدنا أنها كثيرة  ولا شيء يبررها سوى إصرار البعض على أنهم  لا قبلهم ولا بعدهم في الإعلام والاتصال  رغم أنهم تسبّبوا في " كوارث " عديدة  سواء لرئيس الحكومة الذي  أخطأ هذه المرّة من تلقاء نفسه ولا يمكن أن يتم إلقاء المسؤولية على  " الأخطاء الإتصالية "  أو لغير رئيس الحكومة  ممّن  " زلّت " بهم ألسنتهم  في أوقات  كان عليهم أن ينتبهوا جيدا إلى ما يقولون .
جمال المالكي