رحل بن علي وتواصل التعذيب
تمكن الشعب التونسي بفضل إرادته من اقتلاع نظام الرئيس زين العابدين بن على، و بدا العمل على تغيير ما خلفه نظام ديكتاتوري تواصل 23 عاما لتكريس الديمقراطية وتداول السلطة واحترام إرادة الشعب، إلا أن الثورة تواجه اختباراً لا يقل صعوبة عن إسقاط النظام، يتمثل فى قدرتها على الحد من ممارسات القمع والتعذيب التي كانت و لاتزال مستمرة وتنال من حرية وكرامة التونسيين بعد مرور أكثر من 9 اشهر على بداية الثورة.
و قد طفت على السطح شهادات تلقتها منظمة مكافحة التعذيب فى تونس تفيد بوقوع ممارسات قمعية لسجناء ومعتقلين ليصبح عنوان أحدث تقرير للمنظمة هو: «التعذيب تواصل بعد الثورة»
وأكدت رئيسة المنظمة الناشطة التونسية راضية نصراوى أن أطفالاً في الـ14 و 15 عاما شاركوا في تظاهرات سلمية تعرضوا بدورهم للتعذيب، معربة عن استيائها مما يحدث في تونس بقولها: «كان في اعتقادنا أن التعذيب والعنف البوليسي سيرحلان مع رحيل بن على.. لكن صدمنا لاستمرار هذه الانتهاكات».
وقدم التقرير شهادات عن هذه الممارسات خلال الفترة من الممتدة من جانفي إلى سبتمبر 2011 فى عدد من المدن التونسية، لاسيما العاصمة تونس، ومن المتوقع أن تصدر المنظمة تقريراً نهائياً نهاية العام الجاري ، وكشف التقرير بعض الانتهاكات من بينها لجوء رجال الأمن للقوة المفرطة لتفريق الاعتصامات والضرب المبرح خلال عمليات الاعتقال في مراكز الأمن والسجون.
واعتبرت المنظمة أن الأمور لم تتغير نحو الأحسن بعد الثورة وأن لرجال الأمن كل الصلاحيات لممارسة التعذيب، وبالتالي دعت المنظمة الحقوقية إلى اتخاذ إجراءات عملية لفتح تحقيق مستقل حول التعذيب ومحاسبة مرتكبيه إضافة عن إنشاء مركز طبي ونفسي لمساعدة ضحايا الانتهاكات وعلاجهم
كما أوصت المنظمة بـإصدار قانون تعترف فيه الدولة بوقوع أعمال تعذيب في الماضي والاعتذار للضحايا وإقرار عدم سقوط جريمة التعذيب بمرور الزمن وصولاً إلى تشكيل محكمة لحقوق الإنسان
ومن المعروف أنه بعد سقوط نظام بن على صادقت السلطات الانتقالية فى فيفري الماضي على انضمام تونس إلى المعاهدة الدولية ضد التعذيب وثلاث بروتوكولات دولية أخرى حول حقوق الإنسان.
و اهتم الرأي العام العالمي بهذه الظاهرة بعد سقوط النظام السابق فقامت الأمم المتحدة بإرسال المحقق "جوان مينديز" للنظر في مسالة التعذيب و لمساعدة السلطات الانتقالية لضمان محاكمة الذين مارسوا التعذيب في عهد نظام بن على وتعويض الضحايا.
ويتزايد الخطر على الكثير من التونسيين خاصة بعد تأكيد دراسة عالمية أن عددا كبيرا من أفراد الشعب مصاب بالاكتئاب النفسي والقلق، وهى الدراسة الصادرة عن منظمة الصحة العالمية ومنع الرئيس المخلوع بن على نشر نتائج سنة 2005 و التي أظهرت أن تونسيا من بين اثنين يعانى من «الاضطرابات النفسية»، مما يثبت أن نصف التونسيين يعانون من اضطرابات نفسية وأن عدد المصابين بهذه الاضطرابات يزداد من يوم إلى آخر.
وأرجع أطباء من العالم أن انتشار الاضطرابات والأمراض النفسية في تونس يعود إلى ما عاشته البلاد طوال 23 سنة من حكم بن على من استبداد وغياب للعدالة الاجتماعية وكبت وقمع للحريات العامة والخاصة.
أميرة العلبوشي
التعليقات
علِّق