ربيعة بن عبد الله : " رغم ما تمتاز به المرأة التونسية من حقوق فإن السلطة داخل العائلة ذكورية "

 ربيعة بن عبد الله : " رغم ما تمتاز به المرأة التونسية من حقوق فإن السلطة داخل العائلة ذكورية "


حاورتها : يسر العوني

ربيعة من عبد الله  ممثلة تونسية قديرة وأستاذة جامعية مختصة في المسرح ; تدرس تاريخ فن المسرح  باحدى الجامعات الفرنسية  في العاصمة الفرنسية باريس أين تقيم .
في رصيدها عديد الأعمال الفنية السينمائية والدرامية والمسرحية الهامة التي شكلت فارقا في تاريخ الفن التونسي المعاصر منها رائعة المخرج المبدع فريد بوغدير"عصفور سطح" وهي تجسد دور الأم "بية " في  الشريط السينمائي الطويل الأول للمخرج الشاب مجدي لخضر"قبل ما يفوت الفوت" الذي يصنف كأول فيلم يعنى"بالكوارث" في تونس ولأول مرة يتم خلاله اعتماد تقنية التصوير بالكاميرا الذاتية في السينما التونسية .
يشارك في" قبل ما يفوت الفوت" عدد من نجوم وفناني الصف الأول في تونس أهمهم :

"رؤوف بن عمر" ;"ربيعة بن عبد الله ;"مجد مستورة و"سلمى المجوبي" في بطولة فنية مشتركة كما يحضر الممثل القدير "كمال التواتي" والفنانة المتألقة "عفاف بن محمود" كضيوف شرف في الفيلم .

 

1 / دور الأم "بية" هو دور رئيسي ومركزي في فيلم "قبل ما يفوت الفوت" أحسسنا صدق كبير في أدائك لشخصية بية ماذا يمثل لك هذا الدور بالذات في مسيرتك الفنية ؟

أول دور أديته في السينما التونسية كان دور أم وهو "للا جميلة" في فيلم "عصفور السطح" وكان ذلك رغم صغر سني من ناحية ورغم أنني لم أكن أما في ذلك الوقت ولكن هذا لا يعني شيئا بالنسبة للممثل أو للممثلة.

كل ما في الأمر أن تجربة الامومة قد ساعدتني على أداء الدور بطريقة طبيعية وسلسة. في "قبل ما يفوت الفوت"، دور الأم" بية "كان دورا صعبا لأن هذه الأم لم تكن امرأة أو زوجة سعيدة في حياتها فرغم عيشتها الفقيرة ورغم قلة ما في اليد، فهي كانت تبذل أقصى جهدها حتى توفر لزوجها وابنها وابنتها جوا عائليا تسوده ظاهريا الراحة والانسجام. بالنسبة الي، الأم بية تمثل آلاف وآلاف من الأمهات التونسيات الاتي يعانين ويقاسين بصمت وصبر أوضاع حياتية ومعيشية صعبة.

2 / هل دور الأم "بية "يشبه الى حد ما شخصية الأم "ربيعة بن عبد الله" ؟

كما قلت لك، "بية" تشبه كثيرا العديد من الأمهات من عدة نواحي وخاصة التضحيات لكن العديد من الناس نسوا أو تناسوا أن هذه المرأة هي زوجة قبل أن تكون أما. وللإجابة على سؤالك، "أقول لك باني لست معنية بهذه الزوجة بية التي تعاني وتكافح من أجل زوج انعدمت لديه المسؤولية والشعور بالواجب المقدس تجاه عائلته."

3 / لاحظنا من خلال مشاهدة الفيلم أن الأم "بية" كانت صاحبة دور محوري وبصمة خاصة فهي التي حاولت مرارا وتكرارا اقناع الأب "علي" بترك البيت الخربة وتغيير محل السكن نظرا لصعوبة ظروفها الصحية واصابتها بضيق التنفس .
ما هو رأيك ؟

الأم "بية "هي الوحيدة في هذه العائلة الصغيرة التي كانت تحذر من الخطر المحدق بالعائلة جراء الحالة المتداعية للمنزل وقد نبهت عديد المرات الزوج والأبناء. لكن لا حياة لمن تنادي فالبنت منشغلة بدراستها وهمها الوحيد النجاح ثم الشغل كي تتحسن وضعيتها الاجتماعية. كذلك الابن، فهو كذلك يحاول بشغله المتواضع أن ينجح و يرتقي لدرجة اجتماعية أخرى. أما الزوج\الاب، فهو يعيش في حالة اللاوعي. همه الوحيد البحث عن الكنز متجاهلا حالة المسكن المتداعية للسقوط تاركا عائلته تعيش في خطر يومي الى أن تسقط الدار "الخربة".رغم حالة الوعي التي اتسمت بها شخصية الأم فهي لم تسمح لها بتفادي الكارثة وهي انهيار المسكن الخربة. فرغم الوعي بالخطر، الا أن الأم بية لم تنجح في تجنب الكارثة. لماذا؟ " لأنها لا تملك السلطة !" "فنحن في تونس البلد العربي الإسلامي المتوسطي الافريقي ورغم ما تمتاز به المرأة التونسية من حقوق، فان السلطة وتنفيذ القرار داخل العائلة التونسية يعود الى الرجل \ا لزوج \ الأب. وهذا نلاحظه في مختلف الأوساط الاجتماعية في البلاد التونسية !"
"فالمرأة والزوجة والأم والبنت والأخت في مجتمعاتنا التقليدية الرجعية هذه يتحتم عليها أن تكون مطيعة وتتحلى بخصال حميدة وخاصة منها الإجابة اللامشروطة لأوامر وأحكام الرجل !"
فبالرغم من صحتها المتداعية من جراء محل سكناها الخربة المتداعي للسقوط وغياب المنافذ لتهويته كما ينبغي، فان الأم بية لا تستطيع أن تواجه زوجها أو تترك هذه الخربة التي تسببت في تدهور صحتها. بل هي تواصل المكوث والعيش في هذه الخربة محاولة أقصى جهدها توفير جو عائلي عادي. وهذا التصرف يعود أساسا الى التقاليد وخاصة الى التربية التي تفرض على المرأة التضحية بكل ما هو غال أو ثمين من أجل اسعاد عائلتها. وهل هناك شيء أغلى وأثمن من الصحة؟؟؟

4 / ما أكثر شيء أثر فيك طوال مدة التصوير ؟

تم تصوير الفيلم ليلا وهو شيء مرهق جسديا وكذلك نفسانيا. فعدم النوم ليلا متعب بدرجة كبيرة والنوم نهارا لن ولا يسمح للإنسان الراحة الضرورية للجسم وللأعصاب. زد على ذلك درجة الحرارة لأن التصوير تم في شهر جويلية وفي تونس العاصمة.
التصوير تم في ديكور مخنق دون نوافذ ما عدا النافذة الصغيرة لتهوئة المطبخ. وأنا أسميت هذا الديكور "الغمة" بلهجتنا التونسية لأنني كنت دائما أحس بالاختناق في هذا الديكور. وأخيرا التصوير بالكاميرا الذاتية كان اكتشافا بالنسبة لي وكان كذلك تحديا لي كممثلة.  كيف يمكن لي أن أعبر على مشاعر شخصية الأم "بية" وأنا أتخاطب مع كاميرا وليس مع الزوج أو الابن أو البنت؟ كيف يمكن لي أن أقتنع بهذا "التمثيل" مع الكاميرا وأن أقنع المتفرج بهذا الأداء وعلى هذه الطريقة؟


5 / كيف كانت علاقتك مع فريق العمل في الفيلم  ؟

   بصفة عامة، علاقتي مع فريق العمل سواء تقنيين، ممثلين، الأخراج أو الإنتاج تتسم بالمهنية البحتة. فأنا أحرص كل الحرص على أن تكون علاقتي مع فريق العمل مبنية على الاحترام المتبادل وهذا بالنسبة لي الشيء الأهم في العمل.

6 / الأم "بية " كانت أكثر شخصية تألمت طوال مدة الفيلم فهي مريضة تعاني من ضيق التنفس كما أنها تعتبر أن زوجها "علي" مسؤولا على انهيار المبنى على عائلته ثم في النهاية ستقلق على الحالة الصحية لابنها بعد اصابته ونزيفه لمدة ساعات .
ما هو تعليقك ؟

كما قلت سابقا "بية" قضت حياتها تتألم بسبب عدم مسؤولية زوجها الذي كان يحلم بالعثور على كنز حتى يصلح أحوال العائلة
بية لا تحلم : بية امرأة واقعية تعيش مرارة واقعها بشجاعة كبيرة. فرغم مرضها المزمن، فهي لم تيأس وضلت تهتم بأسرتها وعندما يصاب أبنها، فهي تنسى مرضها وتحاول أن تخفف من آلام ابنها وهو في حالة خطرة إثر النزيف الحاد. وهذا تصرف الأم في أسمى ميزاته لأن الأمومة، بصفة عامة، حب وحنان وكذلك بعض التضحيات.


7 / لاحظنا أن نهاية الفيلم "قبل ما يفوت الفوت" تبقى مفتوحة أمام كل الاحتمالات بعد وصول أعوان الحماية المدنية وانقاذهم للعائلة الا أننا لم نطمئن على الحالة الصحية للابن هل سيعيش أم لا نظرا لخطورة جرحه بعد تعرضه للنزيف المستمر ؟

النهاية السعيدة للأفلام "Happy End" لم تكن فعالة ولم تعد مستعملة كثيرا. والسبب هو عدم مفعولها وعدم تأثيرها على المتفرج الواعي عكس المتفرج الذي يحتاج إلى نهاية سعيدة حتى يتنفس وحتى يستطيع أن يتمم حلمه بحياة جميلة وحلوة ومزدهرة. وهذا هروب أو تهرب من واقع قد يكون مخجلا أو مؤلما. لذلك النهايات السعيدة للأفلام فد تكون خطرا على المتفرج. نهاية "قبل ما يفوت الفوت" تبقى مفتوحة وعلى المتفرج أن يقتل الابن المجروح أو ينقذه.

 

8/ الى أي مدى أنت راضية على مشاركتك في فيلم قبل" ما يفوت الفوت" ؟

رضاي أو عدم رضاي عن مشاركتي في أي فيلم هي مسألة نرجسية قبل كل شيء. فأنا أهتم بمردودي من ناحية حرفية بحتة.  وذلك يجعلني لا أكون راضية مائة بالمائة عن أدائي وكلما أشاهد عملي، لا أستطيع أن أمتنع عن التفكير في أنني كنت قادرة على أن أتقن الدور أكثر وهذا شأن شروط المهنة.

التعليقات

علِّق