رئيس الغرفة النقابية لتعليب الزيت الغذائي : " نائب مدير بوزارة التجارة يدفع نحو كارثة حقيقية في البلاد "

رئيس الغرفة النقابية لتعليب الزيت الغذائي : " نائب مدير بوزارة التجارة  يدفع نحو كارثة حقيقية في البلاد "

 

 

تشهد السوق التونسية  منذ عامين على الأقل تذبذبا  واضحا في توفّر الزيت النباتي الغذائي ( أو زيت الحاكم مثلما يعرف عند عامة الناس ) وصار مفقودا ب بصفة تكاد تكون مستمرّة. وأمام هذا الوضع المحيّر بات  الجميع  يتساءل عن  أسباب هذه " أزمة الزيت "  وأسباب فقدانه وهل تعود  إلى سوء التوزيع  أم  إلى أشياء أخرى جعلت من  هذا النوع من الزيت  " يضلّ طريقه " من مستحقّيه الحقيقيين  وهم أفراد الشعب التونسي العاديين  ليقع بين أيدي  مستخدمين آخرين يستغلّون دعم الدولة لهذه المادة الأساسية لاستعماله في غير محلّه  وتحقيق الأرباح من ورائه على حساب الأغلبية الساحقة التي لا تقدر إلا على استعمال هذا الزيت .
وبما أن المسألة أصبحت في مقام الأزمة بين الأطراف المتداخلة  في الموضوع فقد التقت " الحصري " السيد مختار بن عاشور المهني في المجال ورئيس الغرفة النقابية الوطنية  لتعليب الزيت الغذائية وكان لنا معه الحديث التالي .

علمنا أن هناك أزمة حقيقية في مجال الزيت النباتي الغذائي فما هي ملامح هذه الأزمة  وأسبابها حسب رأيك ؟

بوصفي من أصحاب المهنة ورئيس الغرفة النقابية الوطنية لتعليب الزيت الغذائي التابعة للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة   فإنني حريص على  إطلاع الرأي العام على كل ما يحدث في القطاع  وهو ليس جديدا في كل الأحوال . فمنذ حوالي سنتين وفي إطار تنظيم هذا القطاع قدّمنا  كغرفة نقابية وطنية جملة من المقترحات إلى وزارة التجارة ومنها التخفيض من الكميات المورّدة  وتخصيص حصص ( quotas)  للشركات وذلك بطريقة علميّة تعتمد على مسيرة كل شركة  وعدد عمالها والوسائل التي تنقل  بها الزيت وما عليها من  مصاريف وأداءات وغير ذلك  . وبعد الانطلاق في العمل بهذا النظام وجدنا أن بعض  المهنيين ( وهم قلّة )  غير راضين . ومن هنا مورست بعض الضغوطات على بعض المديرين في وزارة التجارة  لتغيير نسب الحصص . وللأسف الشديد نجحت تلك الضغوطات وأصبحت الحصص تعطى للشركات بطريقة موجّهة وغير شفافة  وغامضة أحيانا  وهي في النهاية لا تخدم إلا مصالح أولئك الذين قاموا بتلك الضغوطات .
ما هي الجهة التي تتخذ القرارات  وماذا تعيبون عليها كصناعيين وكغرفة نقابية ؟
هي وزارة التجارة في المقام الأول لكن  للأسف الشديد أصبحت  قرارات  هذه الوزارة   ليست بيد الوزير أو مدير الديوان أو كاتب الدولة للتجارة  بل هي بيد بعض المسؤولين الذين يفعلون ما يريدون   خدمة لمصلحة البعض على حساب الأغلبية من مهنيّي القطاع . وعندما تمّت استشارتنا رفضنا ولم نمض على محضر الجلسة لأننا كنّا نريد الذهاب بعيدا  في تغيير المنظومة بأكملها من أجل تقليص الدعم واقتراح جملة من الأفكار التي تسدّ الطريق أمام كافة الممارسات  المشبوهة  وكل الفساد الذي بات ينخر القطاع  . ورغم عدم موافقتنا كغرفة نقابية وطنية تمثّل غالبية المهنيين إن لم نقل كلهم ولم نمض على محضر الجلسة و لم نوافق على نظام الحصص الجديدة فقد  تم تمرير هذا المشروع  غصبا عنّا ...  وأمام ما يحصل  قمنا بالاحتجاج  وأوقفنا الانتاج والتزويد وكاتبنا وزير التجارة وكاتب الدولة للتجارة الذي التقيناه  وشرحنا له الوضع وأعلمناه بقرار إيقاف التوزيع وأيضا باستعدادنا لاستئناف النشاط والتوزيع  إذا وجدنا الحلول التي ترضي أهل المهنة وليس قلّة من أصحاب نائب المدير علما بأن دعم الدولة في قطاع الزيت الغذائي يصل إلى نحو 200 مليارا كل سنة . وباختصار شديد نحن نعيب على الوزارة   أنها لم تأخذ الأمور والقرار بيديها ولم تحسن فيه بصفة حاسمة وموضوعية بل تركت قطاعا بهذا الوزن وهذه الحساسية  رهن نزوات بعض المسؤولين الذين لا يستشيرون أحدا . وليعلم الوزير وكافة مسؤولي هذه البلاد بأن هذه التصرّفات إن لن تقع مراجعتها ستؤدّي إلى كارثة حقيقية في البلاد .

علمنا بأن هناك لجنة مشتركة تضمّ أطرافا عديدة  اجتمعت   للحسم في هذا الموضوع  فما الجديد في هذا السياق ؟

لقد كان في الحسبان أن تجتمع لجنة مكوّنة من وزارة التجارة ووزارة الصناعة والأبحاث الاقتصادية وصندوق التعويض وممثلي المهنة وديوان الزيت  لكنها لم تجتمع . وعندما طلبنا النتائج  رفض نائب المدير مدّنا بها . وبناء على ذلك طلبنا  أشياء أخرى . وبما أن قطاعنا يخضع إلى كراس شروط  يجب أن يعلم الجميع بأن ما بين 30 و 40 في  المائة من المصانع الموجودة لا تستجيب إلى أبسط قواعد السلامة والصحة  ومع ذلك لديها حصص مثل البقية وأكثر أحيانا من البقية . فهل يعقل أن نضع كراس شروط ونجد معامل تصنع مواد غذائية ليست مطابقة للشروط ؟. ومع السياسة الظالمة  المنتهجة ، هناك شركات تسير نحو الإفلاس التام  وهذه الشركات لها تاريخ في المهنة ولها عمال ومصاريف قارة وأداءات وغيرها . ولعلّ من غرائب  " الصدف " أن أغلب  الشركات المستفيدة من القرارات  تقع على الحدود . أليس هذا دعما للتهريب بصورة أو بأخرى ؟!

علمنا كذلك أنكم قابلتم كاتب الدولة وشرحتم له الوضعية الراهنة بالتفصيل  فما كان موقفه ؟

لقد قابلنا  بالفعل كاتب الدولة الذي وعدنا بالإهتمام الجدي بالموضوع وإيجاد الحلول وطلب منّا أن نقدّم له اقتراحات ملموسة وعملية . لكن في الأثناء سارع هؤلاء المسؤولين  بتطبيق  ( برنامج الحصص ) دون الرجوع لا إلى كاتب الدولة  ولا إلى الوزير . وهذا يعتبر تصرّفا  مشبوها حتى لا نقول أشياء أخرى . وهو لا يليق بدولة فيها قانون ومؤسسات خاصة أننا نحترم مؤسسات الدولة  ونحرص على العمل بكل وضوح وشفافية مثلما نحرص أيضا على مساعدة الدولة  والتقليص من أعبائها في خدمة الشأن العام .

وفي انتظار تحرّك جدي من الوزارة  لإيقاف النزيف الذي يهدد بأزمة حقيقية كي لا نقول كارثة  ماذا قررتم بالضبط ؟
أمام كل ما يحدث  وفي انتظار ذلك قررنا ما يلي :
*إيقاف الانتاج والتوزيع  إلى أن يأتي الردّ الشافي من الوزارة ونجد الحلول التي تستجيب إلى طلبات المهنيين  الذين أحسّوا بكثير من المرارة جرّاء التعسّف الذي يمارس علينا .
* كاتبنا وزير التجارة  وكاتب الدولة عن طريق نائب رئيس الاتحاد التونسي  للصناعة والتجارة  في كل ما يتعلّق بصعوبات القطاع .
* انتظار إجابة الوزارة فإذا جاء ردّها مستجيبا إلى اقتراحاتنا وانتظاراتنا  سوف نستأنف النشاط . ولو جاء الردّ سلبيا سنتوقف عن العمل مع كل ما يمكن أن ينتج عن ذلك من أزمة تمسّ المواطنين التونسيين المتمتّعين بدعم الدولة .

رسالة مختصرة تريد تبليغها  فما هي ؟

بكل صدق نحن اليوم نادمون على أننا كنّا نتصرّف بطرق حضارية من خلال المكاتيب والمراسلات الرسمية ... وننتظر ردودا لم يأت إلى اليوم أي واحد منها رغم أن  ما نرسله مسجّل بمكتب الضبط . وربما فكّرنا في نيل ما نريد بطرق أخرى مثلما يفعل الآخرون ما دامت الطرق الحضارية لا تجدي نفعا  وما دام قانون الغاب هو السائد للأسف في أغلب مفاصل الإدارة.

التعليقات

علِّق