رأي : لماذا أثارت هذه الحادثة كل هذا الجدل " البريء " وماذا لو حصلت في أوروبا ؟
هذه الصورة حظيت باهتمام إعلامي و " فايسبوكي " كبير جدّا ..وفي بعض الأحيان مبالغ فيه " لغايات في نفس يعقوب والجماعة " وليس لغاية واحدة فقط.
بعضهم ركّز على الحادثة والصورة ليوحي للناس بأنها لم تحدث إلا في فترة حكم قيس سعيّد وأنها " تسيء إلى سمعة تونس " وتضرب السياحة التونسية في عمق " حسب ما كتب البعض ممّن تناسوا عمدا أنه حدث ما أدهى وأشنع وأمرّ في أوقات سابقة من عهد بن علي وعهود كل من أتوا بعده إذ وضعت الكبالات وأخذت سيارات عديدة إلى " الفوريار " وهي لمواطنين جزائريين وليبيين وضعوا سياراتهم إما عن غير قصد وإما لأنهم لم يجدوا لها أماكن وقوف مخصصة. وقد جدت حوادث كثيرة منها أن أعوان شركة خاصة تستغل الشارع والأنهج والساعات العامة لحسابها الخاص ( لزمة بلدية ) بحمل سيارة تاكسي وفي داخلها امرأة ورضيعها ( بالشنقال ) لمجرّد أن سائق التاكسي نزل لشراء حاجة وترك محرك السيارة يشتغل... وعندما عاد لم يجدها . هذه الحادثة جدّت في عهد بن علي ( وغيرها كثير ) لكن لم نسمع حرفا واحد من " أصحاب الأصوات العالية " التي تندّد اليوم بالحادثة وليس ناقصا إلا أن يحملوها إلى مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة.
صحيح أن الحادثة غير مقبولة وما كان لها أن تحصل على الأقل من الناحية الأخلاقية إذ كان على الشركة الخاصة ( صاحبة الكبّالات ) أن تتصل بالبلدية وأن تنسّق معها للوصول إلى حلّ مع منظّمي ذلك الرالي لكن لماذا تم تحميل المسؤولية ( أقصد من الناحية الإعلامية ) للبلدية والحال أنها لا تتحمّل أية مسؤولية في ما حدث؟. فقد " تقدّمت بلدية سيدي بوسعيد بالاعتذار للوفد الأجنبي الذي زار المنطقة إثر قيام الشركة المستلزمة للمنطقة الزرقاء بالبلدية بتكبيل سيارات رالي مركونة بشارع 14 جانفي " حسب ما جاء في بلاغ البلدية الذي أصدرته مباشرة بعد الحادثة.
وأكدت البلدية في بلاغها أنها بادرت فور حصول الإشكال بحله وأنه كان بسبب سوء تنسيق بخصوص قدوم الوفد المذكور. وهذا هو الأهمّ حسب رأيي. فقبل أن نلوم البلدية وهي طرف غير مباشر في حصول ما حصل لماذا نتجاهل أنه كان على منظّمي الزيارة أن يحرصوا أوّلا على التنسيق مع البلدية لإعلامها بوصول الوفد كي تتعاون معهم وتسهّل زيارتهم للمكان؟. ولماذا نتجاهل دور منظّمي الزيارة الذين كان عليهم أن يحرصوا على عدم ترك السيارات في مكان يمنع فيه الوقوف وأكثر من هذا على رصيف المترجّلين بشكل يجعلهم مخطئين وليسوا " ضحايا تعسّف اليلدية " مثلما قال البعض؟.
وأختم بسؤال لابدّ منه : لنقلب الآية ونفترض أن وفدا تونسيا زار بلدا أوروبيّا ( فرنسا مثلا ) وتم وضع السيارات بهذا الشكل فهل كان أعضاء الوفد سيجدون سياراتهم مرشوقة بالزهور والورود احتفاء بمخالفتهم للقانون ؟.
ودون أن أنتظر أي جواب أقول وأؤكد أنه الأمور كانت ستسير بشكل أتعس بكثير ممّا حصل في بلادنا. فهناك لا مجال للعب بالقانون ... ولا شكّ أيضا أننا لن نجد كل هذه الأصوات المنددة " لغايات في أنفس يعقوب والجماعة "... أخيرا فإني قلت ما قلت ليس دفاعا عن البلدية أو غيرها وإنما انتصار للحق والحقيقة ليس إلّا.
جمال المالكي
التعليقات
علِّق