دور العبادة لله والوطن للجميع

دور العبادة لله والوطن للجميع

تستعمل معظم الأحزاب الدينية دور العبادة للدعاية الانتخباية أو للرفع من سقف الشعبية أو لتكريس مبدأ أو لتمرير أوامر أو قوانين جديدة أو لترسيخ معتقد قديم ...

ومن هذا المنطلق يسعى العديد من السياسيين إلى السيطرة على الشارع باسعتمال دور العبادة سواء كانت مساجد أو كنائس أو ديرا أو معابد وثنية أو غيرها.

وما يحدث في تونس ليس بغريب عن تاريخ البشرية بما أن السيطرة على المجموعات المتدينة لا يتم إلا من خلال بث خطاب يحث الناس على اتباع "الإمام" في كل شيء حتى لا يخرج الناس عن المألوف وحتى يقوموا بأعمال صالحة توصلهم في الأخير إلى "الجنة".

إن اقتران السياسة بالدين ليس وليد عصرنا بل كان شائعا منذ تغيّر البشر إلى إنسان أي عندما أصبح يفكر ويتخذ القرارات ويطوّع الطبيعة لخدمته ولذلك نشأت هذه الحركات الدينية للسيطرة على المجموعات وبث الجهل بين العباد وتطويعم للعبودية.

إن الله خلق الإنسان للتفكير والابداع والعمل وختم الرسالات بالتنزيل الحكيم ودعا العباد لتطويع خيرات الأرض وخدمة الصالح العام وما يحدث في بلادنا من صراعات ايديولوجية سواء كانت تكيفيرية أو إقصائية أو استئصالية لن يجر إلا إلى الخراب.

ومن هذا المنطلق تعمل الحضارات المتطورة على خدمة شعبها ومزيد تحسين ظروف العيش الكريم وتكريس مبدأ الاختلاف في وطن واحد دون المساس من المقدسات والمعالم الدينية.

وحيث أننا في بلد لم يستطع النهوض اقتصاديا وفكريا يسعى العديد إلى الركوب على المقدسات من أجل اكتساب شعبية وتحقيق مارب دنيوية تساعدهم على الوصول إلى السلطة فتجد هذا يتجول بين المساجد والاخر يدعو إلى النزول إلى الشارع وتجد الناس يتبعون هذا ويشتمون ذاك ويكفرون الاخر ويصفون البعض بالعمالة والخيانة في وقت نحن محتاجون إلى الوحدة والاختلاف البناء الذي يضع مصالح البلاد والعباد فوق كل اعتبار.

ولعل ما حدث أمس في أحد جوامع حي التضامن أين أدى رئيس الجمهورية صلاة الجمعة لدليل قاطع على امتزاج الدين بالسياسة ولعل دعوة حركة النهضة ذات البعد الديني إلى النزول إلى الشارع ليس إلا تتمة لسياسات فشل ذريع واستعراض للقوة والعضلات على الأرض في وقت ازداد فقر الناس وتضاعفت الهموم والماسي في وطن يسير نحو الهاوية.

إن ممارسة الديموقراطية لشيء حياتي وأمر بالغ الأهمية للرقي بالمجتمعات في حين نجد في بلادنا أناسا يدعون الى الاقصاء والاستئصال والزج بالمعارضين في السجون 

وكم نحن اليوم محتاجون إلى توافق يخرج هذه البلاد من ازماتها المتتالية والانكباب على الإصلاح الذي يبدأ بالتعليم لأن الأمم لم تتقدم بالجهل والخرافات الدينية بل علمت أبناءها بطرق حديثة ورسخت الحرية والعدل عبر تشريعات إنسانية مستوحات من قيم إلاهية أساسها لكم "دينكم ولي ديني".

إن أزمة بلادنا عميقة جدا لا يمكن أن تحل في عام أو عامين ولكن علينا زرع القيم الأخلاقية وقيم العمل اليوم قبل الغد وإيجاد تشريعات حديثة تتلاءم وواقعنا وعصرنا وللخروج من هذا المأزق علينا الإيمان بنظرية "الدين لله والوطن للجميع".

أيمن الوافي

التعليقات

علِّق