خطابات قيس سعيد أمام المؤسسة العسكرية ... الأسباب والدلالات

خطابات قيس سعيد أمام المؤسسة العسكرية ... الأسباب والدلالات

بقلم رؤوف بن رجب
استمعت إلى كلمة رئيس الجمهورية قيس سعيد في الأكاديمية العسكرية واعدت الاستماع إليها وكنت أود ان تنشر نصها المعتمد رئاسة الجمهورية حتى يمكن الرجوع إليه
واتقدم في الغرض بالملاحظات التالية
1- اختيار المكان لكلمة سياسية بالأساس لم يكن موفقا فإقحام المؤسسة العسكرية في التجاذبات السياسية أمر غير محبذ وكان الأجدر النأي بها عن مثل هكذا صراعات هي لا تهمها اللهم إلا كانت هناك رغبة من القائد الأعلى للقوات المسلحة من ان يجعلها في جانبه فيما يبدو أنه السجال المقبل على الساحة السياسية بين الشرعية والمشروعية ولكنني أعتقد أن ذلك لن يحصل لأن جيشنا جمهوري لا يمكن إقحامه في مثل هذه الصراعات التي لا طائل من روائها
2- كالعادة كان خطاب رئيس الجمهورية تقسيميا عوض أن يكون تجميعيا فحديثه مع من في قلوبهم مرض والمفترين والمرائين والكذابين وغير ذلك من الأوصاف ما كان يجب أن نجده في كلام رئيس كل التونسيين على اختلاف توجهاتهم وآرائهم فدوره ليس إقصاؤهم بل السعي إلى جلبهم إلى جانبه أي على جانب الوطن الذي هو رمز وحدته. وكأني بالرئيس لم يخلع لباس المرشح في حملة انتخابية متواصلة ليلبس كسوة رئيس الدولة. سبعة أشهر مرت منذ صعد قيس سعيد إلى سدة الرئاسة وهو يعيد نفس الخطاب في كل محفل مدني أو عسكري فمتى نراه يقدم مقترحات فعلية للاقتراحات التي ما فتئ يرددها وكأنني اراه يكتفي بما يقول وكأنه يفي بأغراضه
3- للمرة الثانية في أيام قليلة وفي محفل عسكري أيضا يحدثنا رئيس الدولة عن ضرورة التقاء الشرعية و المشروعية و الشعب لا ينتظر منه درسا أكاديميا عن الفروق بين المفهومين بل يريد منه أفعالا ومبادرات حتى يتم الالتقاء فلقد فهمنا أن في نظره "المجلس التشريعي" كما قال مرة للتقليل من قيمة مجلس نواب الشعب ليس محل المشروعية حتى وإن كان شرعيا وانه أي قيس سعيد الوحيد صاحب المشروعية باعتبار أنه قد وقع انتخابه بثلاثة ارباع المقترعين فماذا عساه يفعل حتى تتقابل المشروعية والشرعية هل يجب إلغاء المجلس التشريعي وقد كان ذلك من بين الأفكار التي قالها في حملته التفسيرية كما كان يسميها. هو يتحدث عن سحب الوكالة فكيف يتم ذلك فالأمر يحتاج إلى آليات. هذا يعني المضي من الديمقراطية التمثيلية إلى الديمقراطية المباشرة فكيف يتم ذلك. هل يتم عبر تحريك الشارع أو عن طريق الاقتراع بعد جمع عدد من التوقيعات. هذه أسئلة مهمة عليه ان يجيب عليها وإلا يبقى حديثه غير ذي معنى لا يخرج عن الأفكار التي لا طائل من ورائها
4- لا شك ان نسبة الرفض التي يعاني منها مجلس نواب الشعب لدى الراي العام مرتفعة بحيث ان كل مشروع يرمي إلى التقليص من صلاحياته سيلقى مساندة شعبية ولكن كيف يتم ذلك. حتى نبقى في الشرعية ولا نخرج عليها يتطلب ذلك تحويرا للدستور ولا يمكن ان يتم ذلك في غياب المحكمة الدستورية فأول ما يجب أن يسعى إليه رئيس الدولة هو الدفع نحو تشكيل هذه المحكمة فعرض مشروع تحوير الدستور على المحكمة الدستورية إجراء وجوبي ثم يجب ان يحظى المشروع بمصادقة ثلثي أعضاء مجلس النواب حينها يمكن لرئيس الجمهورية ان يعرضه على الاستفتاء الشعبي. هذا ما يفرضه دستور 2014 وماعدا ذلك فهو تجاوز للدستور. فهل من مخرج يا ترى من عنق الزجاجة كما يقول الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي. هل إن خطبا وكلمات قادرة على خلق ما يكفي من الضغوطات لتحقيق الالتقاء المنشود بين الشرعية والمشروعية. لا أظن ذلك اللهم إلا إذا وقع تعليق العمل بالدستور الحالي ووضع آلية تأسيسية لبناء دستور جديد وتبقى هذه الفرضية بعيدة التحقيق صعبة المنال. ما عدا ذلك فكلام أجوف لا طائل من ورائه.
خلاصة القول: إن الرئيس قيس سعيد سيبقى إلى نهاية عهدته يعيد علينا نفس الكلام ليغطي عجزه عن إحداث التغيير الذي كان يأمل ان يقوم به لتكريس العدالة والحرية والكرامة الوطنية التي يريدها الشعب، الذي هو العنوان الأساسي لانتخابه لرئاسة الجمهورية. لكنه يخطئ في العنوان فالمهم ليس التوافق بين الشرعية والمشروعية فهذا نقاش أكاديمي لا طائل من وراءه بل ما يجب السعي إلى تحقيقه فهو التوافق بين السياسات المتبعة وانتظارات الشعب وتطلعاته وعلى الحكام أن يعملوا تجميع قواهم وأفكارهم ومجهوداتهم لتحقيق هذا التوافق وهو الوحيد المنشود.

التعليقات

علِّق