حول مدى مقبولية التونسى لمشروع البناء القاعدى...

بقلم : محجوب لطفى بلهادى (جامعى متخصّص فى القانون والتفكير الاستراتيجى)
أمسى فى حكم المعلوم أن مشروع "البناء القاعدى" لا يعترف اطلاقا بالأجسام الوسيطة من أحزاب ونقابات مهنية ، وجمعيات مدنية وهيئات دستورية، فالمنظومة القاعدية المحلية تحمل فى داخلها اليّات للتعديل الذاتى من خلال الضغط على الزرّ السحرى " الشعب يريد "...
كما أمسى تقريبا، فى حكم الأمر المقضى أن مشروع البناء القاعدى ماض فى طريقه الى النهاية مبشرا بمجتمع خال من الرصاص une société sans plomb ومن جميع الشوائب المؤسساتية الرسمية والطفيلية وذلك فى تماه كامل مع قولة الأب المؤسس جوزيف برودون " كما يسعى الانسان الى العدالة فى المساواة، كذلك يسعى المجتمع الى النظام فى الفوضى" ...
لكن ما يهمنا أكثر فى هذا الصدد معرفة مدى توفر مقومات النفاذ الموضوعية والذاتية لهذا المشروع داخل بيئة تونسية شديدة التفرد والتعقيد ؟
فى خط مواز عما يٌتداول فى السر العلن بان مشروع البناء القاعدى لن يمرّ لافتقاره لبيئة مجتمعية حاضنة، فان المتأمل الجيد فى معالم الشخصية التونسية القاعدية الموسومة بشدة التقلب وسرعة الانقياد للجانب الأقوى عبر التاريخ ( انظر مقالى "التونسى والميتافرس ") وما أفرزته :
- من عشرية كاملة من دمقرطة العبث والتحايل باسم "الديمقراطية التمثيلية"،
- من "نخب" اسلاموية وأخرى حداثوية مشوّهة جينيا عجزت عن التقاط لحظة 14 جانفى 2011 لتحقيق مصالحة سياسية فى حدها الادنى،
- ومن قطاعية قبلية corporatisme tribalشملت جميع المجالات المهنية دون استثناء تشتغل الى اليوم وفق قاعدة غرائزية تدعو الى "أنصر أخاك ظالما أو مظلوما" الخ الخ ،
بالمقابل حيال نجاح دعاة مشروع البناء القاعدى :
- أولا، فى صنع "كتلة تاريخية" متماسكة بالمعنى "الغرامشى" للعبارة، تجمع لاول مرّة اليسار الراديكالى بتيار مٌستتر منشق عن الاسلام السياسى النهضوى التقليدى يستمد مشروعيته التاريخية فى الداخل من الدولة الفاطمية ...
- ثانيا، فى ترذيل "الديمقراطية التمثيلية" لدى العامة عملا بقول الأب المؤسس برودون " الديمقراطية ليست سوى استبداد الأغلبية، أفظع طغيان على الاطلاق، لأنها لا تقوم على دين، ولا على نبل عرق...انها تعتمد فقط على الأرقام وتختبىء وراء الأسماء" ...
بالنتيجة، نحن على قاب قوسين أو أدنى من تحقق مشروع "البناء القاعدى" بمنكّهات محلية واقليمية معلومة !
التعليقات
علِّق