حصيلة "التوافق" وحوكمة الباجي وصنيعه الشاهد

بقلم نوفل بن عيسى
كما كانت السنوات الاولى من حكم بورقيبة وقيام الجمهورية دموية وعنيفة واقصائية اتصفت بالترهيب والتهميش وعدم الاستقرار والارتجال والشح المالي والعجز الاقتصادي كذلك كانت السنوات الاولى من قيام الثورة. وقد عرفت العشرية الاخيرة من تاريخ البلاد تواتر الحكومات وتتالي الاخفاقات.
ومما يردد في الاعلام وحسب بعض المختصين فان كتلة الاجور تثقل كاهل ميزانية الدولة حتى صار الحد منها شرطا أساسيا للخروج بالمالية العمومية والاقتصاد الوطني من عنق الزجاجة. ومن جانب آخر يشتكي الأجير من قلة الحيلة وغلو الأسعار مع العلم أن الأجير في تونس هو الأكثر التزاما بدفع الضرائب!
أليس في الأمر مغالطة؟ هل كلفت كتلة الاجور ميزانية الدولة أكثر مما كلفته الخسارة في تعطل انتاج الفسفاط وغيره من الثروات المنجمية وسوء الحوكمة والتصرف في موارد الدولة والتهرب الجبائي والفساد ونهب البلاد مثلا؟
فلننظر في أداء الباجي قائد السبسي حين كان وزيرا أول مثلا وما فعله بالبلاد.
لقد بين خلفه النهضاوي حمادي الجبالي أن فترة حوكمة الباجي للبلاد كوزير أول قد اتسمت فيما يخص الانتدابات في القطاع العمومي بما يلي:
– إن معدل الانتدابات لسنتي 2012- 2013 هو 25000 لكل سنة بالإضافة إلى ذلك شهدت انتدابات سنة 2012 وفي إطار تواصل الدولة تطبيق التعهدات والإمضاءات التي التزمت بها حكومتا 2011 أي حكومة السيد محمد الغنوشي وحكومة السيد الباجي قائد السبسي التي رحَّلت كل التزاماتها إلى حكومة ما بعد انتخابات 2011 والمتمثلة فيما يلي:
- تعهد هاتين الحكومتين بانتداب 80000 عون مبوبين كالآتي :
– إنهاء المناولة في القطاع العمومي وإدماج حكومة السيد محمد الغنوشي 35000 عون في الوظيفة العمومية تحت ضغط الشارع والنقابات.
– إدماج عملة الحضائر ما قبل 2010 في الوظيفة العمومية وعددهم 12800 عامل.
– إلغاء العقود ذات المدة المحددة ( CDD ) وإدماج 12000 متعاقد في الوظيفة العمومية أيضا.
– انتداب 25000 عون في قانون المالية 2011 لحكومة السيد الباجي قائد السبسي حسب مقياسي الأقدمية والوضعية الاجتماعية .
– قيام حكومة السيد الباجي قائد السبسي في عام 2011 بانتداب 90000 عامل في الحضائر منهم 60000 مازالوا يتحصلون على أجر دون عمل إلى الآن.
– ودائما زمن حكومة السيد الباجي قائد السبسي، انتفاع أكثر من 150000 عاطل عن العمل بمنحة أمل والتي واصلت حكومة التي تلتها العمل بها.
– انتداب الولايات (بقرار الولاة) أكثر من 24000 عون في إطار مختلف الآليات التي أوجدتها حكومتا الغنوشي والسبسي.
– بإلزامٍ من حكومة السيد الباجي قائد السبسي في افريل 2011 تعهدت شركة فسفاط قفصة بانتداب 10000 عون على 4 سنوات في إطار شركات البيئة الموجودة إلى حد الآن.
– تعهد حكومة السيد الباجي قائد السبسي باتفاق أبرمته مع النقابات بتعميم زيادة ب 70 دينار على كافة موظفي الدولة مما انجر عنه عند تطبيقه زيادة في كتلة الأجور بنحو 600 مليون دينار رحّلتْها إلى حكومة الترويكا الأولى.
– إمضاء حكومة السيد الباجي 40 اتفاقية بعد سبتمبر 2011 أي قبل انتخابات اكتوبر 2011 بشهر واحد منها 12 اتفاقية في قطاع التربية (وزارة السيد الطيب البكوش) وبالطبع توريث تفعيلها لحكومة الترويكا الأولى منها اتفاقيات تم إبرامها في الأسبوع الأخير من عمر حكومة السيد الباجي قائد السبسي أي في شهر نوفمبر 2011 .
ويواصل ذات التقرير للتوضيح، ببيان ما يلي:
- تؤكد وثائق الحكومة (وخاصة وزارة المالية تثبت ذلك) أنه لم يتم صرف مليم واحد من ميزانية الدولة لأي تعويض كان وهذا الصرف لا يمكن أن يتم دون أن يؤشر عليه مراقب المصاريف العمومية والقابض المختص وهو ما لم يحصل اطلاقا.
- وفي المقابل تمت تسوية وضعيات شهداء وجرحى الثورة بانتداب فرد من كل عائلة بما مجموعه حوالي 3600 انتداب استجابة لمستحقات الثورة وتطبيقا لقرارات المجلس التأسيسي وكافة الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني التي كانت كلها تنادي بهذه التسوية العاجلة.
- وتم ايضا وتطبيقا لقانون أساسي والمستند إلى قرار قضائي تسوية وضعية حوالي 5640 منتفع بالعفو التشريعي العام جلهم في سلك العملة ، وتأثيرهم على كتلة الأجور محدود جدا (انظر الى المعطيات الرسمية).
وعلاوة على ما سبق ذكره فقد تورطه الباجي زمن رئاسته للحكومة في الشأن الليبي اذ أمضى على اتفاق تسليم البغدادي المحمودي وتعامل مع ثوار ليبيا وسمح بعبور السلاح عبر تونس وقبض الثمن.... وهكذا ورط الباجي قائد السبسي الحكومات التي تلته والبلاد كما لم يورطها أحد !
وبذات الاساليب وبدعم من بعض الدول الخليجية كما شهد بذلك المحامي الأزهر العكرمي تمكن الباجي من جمع فتات التجمع و"الدساترة" والمستكرشين والانتهازيين وحتى سقط المتاع من السياسيويين لتكوين حزبه نداء تونس والوصول إلى رئاسة الجمهورية بتواطئ من راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الذي قبل بكل التنازلات مقابل التحكم في مفاصل الحكم.
وهكذا تراجعت كتلة النهضة بالمجلس النيابي عن قانون الاقصاء الذي كان سيعرض للتصويت في 25 جويلية 2013 يوم اغتيال المرحوم بإذن الله الحاج محمد البراهمي. كما تراجعت النهضة بأمر من شيخها الآمر عن المطالبة بمحاكمة المتورطين في الحكم عهد بن علي وعن محاكمة إطارات التجمع الدستوري على مسؤوليتهم السياسية كما أمر الغنوشي اتباعه بعدم التصويت لقانون يجعل سقفا لسن الترشح لرئاسة الجمهورية - وقد حدده القانون المقترح في حدود 75 سنة - ليسمح بذلك للباجي قائد السبسي بالفوز بالانتخابات وبتبييض الأزلام من التجمعيين والدساترة والمناشدين عوض تطهير المشهد السياسي ووضع قواعد الشفافية والديمقراطية البناءة ثم بدأ عهد التوافق وانقلب الغنوشي على الثورة واستحقاقاتها واهدافها وعلى دماء الشهداء وتضحيات جرحى الثورة وارتمى في أحضان شريكه "الرئيس" وضاعت الدولة وهيبتها بين أرجل الشيخين واشبال الباجي، ابنه حافظ وصنيعه الشاهد.
التعليقات
علِّق