حركة النهضة: ننقلبُ اليوم على مواقفنا أفضل من نخرج غدا من المشهد

الحصري - مقال رأي
بقلم : نورالدين المباركي
في فيفري الفارط قال السيد راشد الغنوشي مُوجها كلامه لأنصار حركته الرافضين للخروج من الحكم ، قال " سنفوز في الانتخابات المقبلة" ، وقتها فُهم هذا "الوعد" أنه مجرد خطاب لرفع المعنويات ، لكن بتتبع الأداء السياسي لحركة النهضة ما بعد " حكومة الترويكا" ومواقف السيد راشد الغنوشي من الملفات السياسية المطروحة نكتشف أن " سنفوز في الانتخابات المقبلة" ليست خطابا لرفع المعنويات ، انما هي الحلقة الرئيسية التي تدور حولها كافة التكتيكات و المناورات السياسية لحركة النهضة .
قد لا يستوعب أنصار وبعض قيادات حركة النهضة وأيضا عديد الفاعلين السياسيين من خارج النهضة هذا التمشي في لحظته ، لكن يبدو أن الصورة واضحة أمام السيد راشد الغنوشي مما جعله يسير في هذا الطريق رغم حجم الضغوطات العنيفة الموجهة ضده داخليا و خارجيا .
*****
تدرك حركة النهضة كما بقية الأحزاب السياسية أن الفوز في أي انتخابات لا يعود فقط الى البرنامج الأفضل و الدقيق و المستجيب الى تطلعات الشعب و انما أيضا و أساسا الى الترتيبات والتحالفات و الصورة التي يرسمها الحزب السياسي لنفسه لدى الناخبين .
في انتخابات 23 أكتوبر 2011 انتخبت حركة النهضة على قاعدة أن مرشحيها " يخافو ربي" وعانوا الظلم والاضطهاد ، وليس على قاعدة برنامج الـ365 نقطة . وانتُخِب حزب المؤتمر من أجل الجمهورية لتحالفه مع حركة النهضة ، وانتُخب آخرون على قاعدة علاقات القرابة و القبلية .
هذه العوامل المحركة للتصويت الانتخابي في البلدن غير الديمقراطية أو التي تتقدم نحو الديقراطية .
*****
خرجت حركة النهضة من تجربة الحكم التي تجاوزت السنتين مُنهكة ومتهرئة وفاقدة لجزء كبير من اشعاعها وحضورها الشعبي مع بروز بوادر تصدع داخلي ، بالإضافة الى تعاطي دولي جديد مع تجربة الاسلام السياسي في الحكم ، والأهم من ذلك هو الاستعداد لانتخابات جديدة قد تتم بعد اشهر قليلة .
لا يمكن التعامل مع كل هذه العوامل مُجمّعة إلا بعقلية قيادية حقيقية تنظر للمشهد في شموليته و ليس في جزئياته .
في هذه اللحظة تدخل السيد راشد الغنوشي ليُطوّع كل أداء الحركة ومواقفها السياسية للهدف النهائي وهو الفوز في الانتخابات المقبلة و إن تطلب الأمر الانقلاب على مواقف الحركة ومواقفه بـ 180 درجة ، ولسان حاله يقول:" ننقلب اليوم على مواقفنا أفضل من أن نجد أنفسنا في المستقبل خارج المشهد نهائيا" .
*****
من هذه الزاوية نفهم تنظيم الاستفتاء الداخلي حول المؤتمر النهضة المقبل ، لتحصين البنية الداخلية للحركة استعدادا للانتخابات المقبلة ، ومن هذه الزاوية نفهم أيضا الانقلاب على موقف التحصين السياسي للثورة ( راشد الغنوشي في فيفري 2013: " إنّ قانون تحصين الثورة ضروري لمنع ظهور القوى المضادة للثورة" و في ماي 2014 يقول : " لسنا أوصياء على الثورة حتى نحصنها.. فالشعب صاحب الثورة سيحصنها عبر صناديق الاقتراع"). والانقلاب في موقفه من حكومة الكفاءات ( في أكتوبر 2013 يقول:" إ نّ من ينتظر بقاء الحكومة المقبلة لمدة سنة أو سنتين "واهم"، إنّ أقصى مدة زمنية لبقاء الحكومة الجديدة هو ستة أشهر أي صلاحيتها ستنتهي فور اكتمال كل المواعيد الانتخابية.." و يقول حول الموضوع ذاته في ماي 2014:" لا يمانع في بقاء حكومة مهدي جمعة بعد الانتخابات المقبلة في حال نجاحاها في تحقيق نتائج طيبة")...وغيرها من المواقف .
*****
لا شك أن السيد راشد الغنوشي " سعيد" اليوم بمواقف من كان يسميهم بقوى الثورة المضادة حين يصفونه بالرجل الشجاع
و" سعيد " بالتصريحات التي تقول انه انقذ البلاد من " حمام دم" وبالحملات التي تسوق له انه رجل الحوار والوفاق وبالمواقف الدولية التي تثمن تجربة حركة النهضة في تونس .
سعيد لأنه يرى أمامه أهدافه في " سنفوز في الانتخابات المقبلة" تتحقق شيئا فشيئا ، فيما معارضوه مازالوا يتمسكون بجزئيات الأمور.
موقف حركة النهضة
Soumis par محمد العابدي (non vérifié) le 6 ماي, 2014 - 13:35