حتى لا تصبح قضية آدم ملاذا للمنحرفين وشمّاعة لتجريم حرّاس الملاهي !
مازال الشارع التونسي مصدوما من حادثة وفاة الشاب آدم بوليفة خلال احتفاله بعيد ميلاده في ملهى ليلي بالعاصمة وما انجرّ عنها من تداعيات، حيث تم اخراجه من الملهى بطريقة مهينة وعنيفة عبر الضرب والسحل قبل أن يتم العثور عليه مقتولا .
وعلى اثر الجريمة النكراء قرر قاضي التحقيق إيقاف عدد من المشتبه بهم كما أصدر والي تونس قرارا يقضي بغلق مطعم " الماديسون" مع سحب رخصة بيع المشروبات الكحولية لمدة عامين .
قضية وفاة " ابن مقرين" عرفت مدّا تضامنيا في الشارع التونسي الى درج أن العديد نصب المشانق لحرّاس الملاهي الليلية والحانات والمطاعم السياحية ووضع الجميع في نفس " القارب" وأمعن في تشويههم وتصويرهم كمجرمين في مواجهة أناس لطفاء وتناسى الغالبية عمدا أن مجمل الحانات تضمّ في غالبياتها طينة أخرى من الرواد بسلوكات وتصرفات ومظاهر غير تلك التي تخصص البعض في تبييضهم عبر المنابر التحليلية صباحا مساء ويوم الأحد ، بل ذهب البعض الى تجريمهم جميعهم دن استثناء وأصبح كل حارس " متهما إلى أن يثبت براءته " .
لن نقارن هنا الضحية آدم بوليفة بهؤلاء المنحرفين .. وسنظل نطالب القضاء بإنصاف عائلته وبمحاسبة كل من تورط في دموع والدته .. لكن سنتحدث عن شيطنة الحراس وتشويههم عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ونظرا لأهمية وحساسية مهنتهم الشاقة، تحدثنا مع العديد منهم حيث أجمعوا على إدانتهم لما وقع في مطعم " الماديسون "وقدموا تعازيهم لعائلة الشاب الضحية .. بل أننا وجدنا أن الكثيرين منهم يعرفون الضحية ويشيدون بخصاله ورفعة أخلاقه وقد صدموا لما علموا بأطوار الجريمة وتفاصيلها ..
حرّاس الملاهي والمطاعم السياحية والحانات الذين تحدثنا إليهم أكدوا أن ما وقع " تصرّف فردي" لا يمكنه بتاتا أن يعمّم الأحكام تجاه آلاف الأفراد ممن يمتهنون الحراسة في أوضاع صحية واجتماعية هشّة وأن القضية موكولة حاليا لدى القضاء وهو الذي سيكشف الحقائق وتفاصيل ما وقع غير أن حادثة " الماديسون " لا يجب أن تحولهم كلهم الى مذنبين وإلى متهمين . فهم أكثر الناس عرضة للخطر حيث يسهرون على حماية الحرفاء من المنحرفين و" الباندية " وأصحاب السوابق العدلية والمجرمين وبالتالي فإن اكراهات المهنة والتهديدات من تلك الفئة تجعل حياتهم في خطر .
الحراس كشفوا أنهم يفعلون كل ما في وسعهم لمنع تسلّل المنحرفين وترويج المخدرات والأقراص المخدرة والزطلة وكل الممنوعات ويحولون دون تسرب تلك السموم الى الملاهي والحانات وهو ما جعل " العصابات " تستهدفهم في كثير من المناسبات بدليل تعرض عشرات الحراس الى محاولات القتل والضرب و" الغدرة " في أكثر من مناسبة .
كما أكدوا أهمية دورهم في حفظ النظام والأمن داخل وأمام الحانات والمطاعم السياحية والملاهي وساهموا بطرق غير مباشرة في انجاح عديد التظاهرات السياحية وكان اخرها أيام قرطاج السينمائية التي شهدت حضور وفود من النجوم والممثلين الأجانب وكانوا يرتدادون المطاعم السياحية تحت حمايتهم .
كما أوضحت المجموعة التي تحدثنا اليها من الحراس بأن أغلبهم متزوجون ولديهم أطفال وليسوا "منحرفين " كما تم ترويجه في " الفايسبوك" وهم يلجؤون في مرات قليلة الى استعمال القوة لاخراج المنحرفين من الأماكن التي "يعربدون" فيها وذلك وفق ما يكفله القانون ودون المساس به جسديا .
وأكد الحراس أنهم ضحية لحملة مسعورة من التشويه وهم يشتغلون مهنة خطرة جدا وينالون رواتب ضعيفة كما أن وضعياتهم الاجتماعية صعبة ولا يتمتع اغلبهم بالتغطية الاجتماعية ووضعياتهم المهنية هشّة جدا رغم حساسية ودقّة المهنة .
وجددوا ترحمهم على الشاب آدم مؤكدين بان ما وقع لا يمثلهم وهو تصرف فردي يشجبونه غير أنهم دعوا الى الفصل جيدا بين سلوك أعزل شاذّ وغالبية مجتهدة ترضى بضنك العيش وسيل الاتهامات.. .
وختاما نقول أن ما حصل في شارع محمد الخامس هي جريمة نكراء دون شكّ..غير ان ما فعله البعض لا يمكن أن يمثّل شماعة لضرب مورد رزق الغالبية وفيهم من يحظى بمستوى أكاديمي عال وجرّته انعدام فرص الشغل الى امتهان الحراسة في الملاهي ومجابهة مخاطر شتى من فئات مختلفة من الحرفاء تجمع بين الغثّ والسمين..ولذلك فانه حريّ بالكثيرين التدقيق واختيار المصطلحات جيدا قبل اطلاق النعوت والتهم جزافا..وألا تؤدي تصرفات انفرادية الى عقوبات جماعية..
شكري الشيحي
التعليقات
علِّق