حادثة لاكانيا : حتى لا تمرّ الجريمة دون عقاب فتكون مدخلا للفوضى وقانون الغاب
شاهد التونسيون جميعا يوم أمس ما اصطلح على تسميته " غزوة لاكانيا " التي تمثلت وقائعها في تعطب شاحنة ثقيلة كانت تحمل مشروبات كحولية بالطريق السريعة على مستوى لاكانيا وهجوم بني هلال عليها رجالا ونساء وأطفالا فنهبوا الكثير من حمولتها في حركات استعراضية توحي بأن مفهوم الدولة والأمن والقانون والعقاب لم يعد له أي معنى لدى الكثير من التونسيين.
وبقطع النظر عن حمولة الشاحنة التي أبدى بعضهم شماتة في أصحابها من منطلق فكري متطرّف يرى أن حمل الخمور إلى المناطق السياحية وغيرها حرام فإن الحادثة تعدّ من أخطر ما يمكن أن نتخيّله خاصة في هذه الظروف بالذات. فنحن الآن في شهر جانفي الذي عرف طوال تاريخ تونس بأنه شهر " سخون " ... وهناك أطراف تدفع دفعا إلى تأجيج الأوضاع الاجتماعية بدليل أن بعضهم لم يجد أي حرج يوم أمس في تبرير الهجمة البربرية على الشاحنة والتحريض ضمنيّا على المزيد منها كي تصبح هذه الممارسات ربّما " قاعدة " لهؤلاء الذين يدفعون نحو استفحال الأزمات.
وإلى جانب ذلك فإن من هجموا على الشاحنة ومع الغرابة في أن نساء شاركن أيضا في الغزوة كانت وجوههم مكشوفة وتم تصوير الحادثة بكل تفاصيلها. وهذا يوحي بأن الكثير من التونسيين لم تعد تربطهم بهذه البلاد قوانين أو ضوابط أو أخلاق. وهذا هو الخطر الحقيقي الداهم الذي يجب التصدّي له قبل أن يستفحل وينتشر وقد يفوت أوان علاجه.
وبناء على ذلك وفي غياب شبه تام لأنباء تفيد بأن الأمن تدخّل يوم أمس وألقى القبض على أطراف شاركت في تلك الغزوة نقول إن على الجهات الأمنية والنيابة العمومية أن تتحرّكا بالسرعة القصوى وأن تحاسب هؤلاء المجرمين الذين شاركوا بوجوه مكشوفة في جريمة واضحة وموصوفة. وفي نفس الإطار يجب التشهير بهؤلاء بعد القبض عليهم حتى يعرف بقية الذين ربما يخطّطون لأمر ما ماذا ينتظرهم وحتى يعرفوا أيضا أننا لا نعيش في غاب يطبّق فيها كل طرف قانونه الخاص.
جمال المالكي
التعليقات
علِّق