تونس و الاقتصاد الأخضر : المسار الحتمي

تونس و الاقتصاد الأخضر : المسار الحتمي

لا مجال مستقبلا لمشاريع اقتصادية لا تحترم البيئة ولا تأخذ في الاعتبار ضرورة المحافظة عليها. وتونس كغيرها من الدول معنية بهذا المسار التي انخرطت فيه الإنسانية بأكملها أمام التهديدات الكثيرة التي نعيشها اليوم في العالم بأسره: الاحتباس الحراري والجفاف وشح الموارد المائية.... الشيء الذي يستوجب ضرورة الاقدام على تمويلات مخصصة للحفاظ على البيئة.

هل من أفاق ممكنة للاقتصاد الأخضر في تونس؟ السؤل لابد أن يطرح اليوم حسب عدد من الخبراء التونسيين خاصة في ظل الصعوبات الاقتصادية والبيئة في بلادنا التي تعيشها البلاد. وقد شكل هذا الاقتصاد محور اللقاء الذي عقده محافظ البنك المركزي التونسي فتحي زهير النوري نهاية شهر جوان الماضي مع نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا عصمان ديون.

علما أن هذا الاقتصاد عرف تطورا كبيرا في عدد من الدول ومن بينها دول عربية مجاورة تعتبره على غاية من أهمية لمكافحة التلوث الحاصل اليوم ولنحت اقتصاد يأخذ في الاعتبار التهديدات المناخية التي نعيشها: الاحتباس الحراري والجفاف وشح الموارد المائية.... وتشير بعض المعطيات المتوفرة أن حجم السندات الخضراء – أي السندات التي تذهب عائداتها إلى مشاريع تخص البيئة-كان سنة 2023 في العالم في حدود 2500 مليار دولار أمريكي (7718 مليار دينار).

والاقتصاد الأخضر نوعان. النوع الأول يخص أنشطة اقتصادية تقليدية ولكنها تتميز باستخدام أدوات وأليات تحدث أقل ما يمكن من أضرار بالبيئة أو تستهلك أقل ما يمكن من الطاقة والثاني يتعلق بمشاريع تهدف إلى المحافظة على البيئة أو استغلال موارد طبيعية.

"ضريبة الكربون"

ويقول الملاحظون أنه على تونس أن تعمل وبسرعة على ركوب قطار الاقتصاد الأخضر خاصة بعد أن قرر الشريك الرئيسي لبلادنا أي الاتحاد الأوربي اعتماد ما يسمى "ضريبة الكربون". وقد شهد في هذا السياق الأول من أكتوبر 2023 بداية المرحلة الانتقالية لآلية "تعديل حدود الكربون التابعة للاتحاد الأوروبي".

ويتمثل الهدف من هذه المبادرة "إدخال تسعير الكربون على السلع المستوردة بما يعادل ذلك المطبق على السلع المنتجة داخل الاتحاد الأوروبي". وبالتالي تهدف هذه المبادرة إلى "تنظيم انبعاثات الكربون". وذلك من خلال "وضع مجموعة من الالتزامات والامتثال لمستوردي البضائع إلى الاتحاد الأوروبي".

تعزيز نوعية حياة المواطنين

الشيء الذي يعني أن توظيف الاتحاد الأوروبي ل" ضريبة الكربون" على السلع التي تعتبر غير صديقة للبيئة يمكن أن يجعل جانبا من السلع التونسية التي و بالطبع تلوث المحيط والتي تدخل للاتحاد الأوروبي غير قادرة على أن تنافس السلع الأوروبية أو غيرها و القادمة من الدول التي تحترم المواصفات الأوروبية في المجال البيئي.

هذا وقد  خطت تونس خطوات جادة في اتجاه تطوير اقتصاد أخضر و من بينها وضع الاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الأخضر وفقا لمبادئ أربعة. و هي «1-تطوير نمو قوي ديناميكي وشامل ومبتكر و تضامن و 2-تقليل أثار تأثيرات تغير المناخ على الموارد الطبيعية والنظم البيئية المعرضة و3-اعتماد نهج الحوكمة اللامركزي والتشاركي لتشجيع المبادرات المحلية و4-تعزيز نوعية حياة المواطنين."

" بين 5 و10 مليون دينار"

غير أن عديد المهتمين بالموضوع يترقبون تنفيذ هذه الاستراتجية وبالأساس من خلال خاصة استصدار سندات خضراء بمعنى القيام باكتتاب يخص انجاز مشاريع بيئية هامة. وقد أشار في هذا المضمار المدير العام لبورصة تونس القيم المنقولة في فيفري 2024السيد بلال سحنون خلال لقاء نظمته حلقة الماليين التونسيين أنه بالإمكان استصدار قرض أخضر قبل نهاية سنة 2025 وبمبلغ قد يأتي بين 5 و10 مليون دينار".

وقد عبر السيد عبد القادر بودريقة رئيس حلقة الماليين التونسيين بالمناسبة عن اعتقاده الجازم أن الاقتصاد الأخضر أصبح اليوم مسارا لا بد منه وأن الاعتبارات المتعلقة بالعناية بالمحيط وبالظروف الحياتية ضرورة لا غنى عنها وأن إذن كل المشاريع التي تأخذ في الاعتبار هذه المسائل لن يكتب لها النجاح.

محمد قنطارة

  

التعليقات

علِّق