تناقض وتضارب في المواقف والتصريحات : هل تدخل النهضة في نفق الاندثار أم تتجاوز أزمتها بأخف الأضرار ؟

تناقض وتضارب في المواقف والتصريحات : هل تدخل النهضة في نفق الاندثار أم تتجاوز أزمتها بأخف الأضرار ؟

منذ يوم 25 جويلية الماضي بدأت بوادر الاختلاف تظهر على عدد كبير من قيادات النهضة وعلى سبيل المثال يمكن أن نذكّر بذلك البيان الذي أمضاه 133 من شباب النهضة ودعوا فيه بصفة غير مباشرة راشد الغنّوشي إلى التنحّي عن قيادة الحركة وعن رئاسة مجلس نواب الشعب .

وإضافة إلى ذلك سمعنا وقرأنا تصريحات لعدّة شخصيات من النهضة عبّرت فيها عن مواقف مختلفة تماما مع راشد الغنوشي وبعض القيادات التي تحسب على شقّ " الصقور " على غرار البحيري والهاروني ورفيق عبد السلام وغيرهم ممّن اعتبروا أن ما حصل يوم 25 جويلية انقلابا وقد  دعا بعضهم إلى " المقاومة " من خلال دعوة أنصار النهضة إلى النزول إلى الشارع .

وقد سمعنا يوم أمس تصريحات أو تأكيدات من قياديين بالحركة قالوا إن مجلس الشورى سيحسم أمس في اجتماعه في مسألة تنحّي القيادة الحالية أم بقائها . وقد لاحظ الجميع أن ذلك لم يحصل فلم يتمّ الحسم في هذا الموضوع .

وفي بيان  أصدره يوم  4 أوت 2021 بعد عقد دورته 52   عبّر مجلس شورى حركة النهضة أن ما حصل يوم 25 جويلية  '' إنقلاب على الدستور وشلّ لمؤسسات الدولة  خاصة بحلّ الحكومة وتعليق عمل البرلمان''.

وعبّر المجلس  عن " تفهّمه للغضب الشعبي المتنامي خاصة في أوساط الشباب  بسبب الإخفاق الاقتصادي والاجتماعي بعد عشر سنوات من الثورة  وتحميل الطبقة السياسية برمتها كلا من موقعه  وبحسب حجم مشاركته في المشهد السياسي  مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع  ودعوتهم  إلى  الاعتراف والعمل على تصحيح الأداء والاعتذار عن الأخطاء''.

ودعا مجلس الشورى  في البيان ذاته  إلى ''ضرورة العودة السريعة إلى الوضع الدستوري الطبيعي ورفع التعليق الذي شمل اختصاصات البرلمان  حتى يستعيد أدواره ويحسّن أداءه ويرتب أولوياته بما تقتضيه المرحلة الجديدة " معبرا عن استعداد النهضة للتفاعل الإيجابي للمساعدة على تجاوز العراقيل وتأمين  أفضل وضع لاستئناف المسار الديمقراطي''.

خليّة أزمة برئاسة الغنوشي ؟

وفي نفس السياق أكّدت الناطقة الرسمية باسم مجلس شورى النهضة سناء مرسني في تصريح لإذاعة " موزاييك " اليوم الخميس 5 أوت 2021  أن المجلس قرر تشكيل خلية أزمة تحت إشراف رئيس الحركة راشد الغنوشي تتولى إعداد خارطة طريق للمرحلة الجديدة  والتفاوض مع مختلف الأطراف.

ومن جانبه قال راشد الغنوشي  يوم أمس الأربعاء "  يمكن أن يتم تحويل إجراءات الرئيس   قيس سعيد  إلى فرصة إصلاح" .

وتابع الغنوشي بقوله في تصريحات نقلتها وكالة "رويترز" إنه " علينا أن نحوّل إجراءات الرئيس إلى فرصة للإصلاح وأن تكون مرحلة من مراحل التحول الديمقراطي".

وللتذكير فقد شهدت الدورة 52 لمجلس الشورى اختلافا وانقساما في الآراء وعدم رضا  على قرار المجلس  مما أدى إلى انسحاب عدد من أعضائه على غرار يمينة الزغلامي ومنية إبراهيم وجميلة كسيكسي وإعلانهن عدم تحملهن أية مسؤولية عن قراراته.

عبد اللطيف المكّي يعوّض الغنوشي ؟

وبعيدا عن تصريحات الرسميين في النهضة فقد شخصيّا إلى " تصريحات " خمسة من شباب النهضة واحدا بعد واحد وفي أوقات مختلفة حول موقفهم ممّا يحدث في البلاد فكان إجماعهم على أمرين مهمّين وهما :

- كلّهم تفادوا التعليق عمّا حدث فلم يقولوا إنه " انقلاب " أو إنه "تصحيح مسار " على سبيل المثال.

- هناك جملة واحدة معبّرة جاءت على ألسنة هؤلاء الشبان الخمسة دون أن يكون أيّ منهم على علم بما قاله الأربعة الآخرون وهي : " لقد حان الوقت كي يتنحّى الغنّوشي عن كافة مسؤولياته في الحركة وأن تتنحّى القيادة الحالية برمّتها وأن تفسح المجال للشباب ".

- أجمع هؤلاء الشباب على أن عبد اللطيف المكّي هو الشخصية التي " يحبّها التونسيون " في الوقت الحالي وأن بإمكانه قيادة الحركة في انتظار مؤتمر يفضي إلى تكوين قيادة جديدة للحركة.

ويلاحظ من خلال كل هذا التضارب في المواقف والتصريحات أن هناك وضعا غير عادي في حركة النهضة التي حافظت على تماسكها أكثر من 10 سنوات كانت كافية لتعصف بالعديد من الأحزاب الأخرى على غرار " نداء تونس " الذي كان الوحيد الذي فاز عليها في انتخابات 2014 .

ولعلّ السؤال الذي يفرض نفسه اليوم : هل إن النهضة مقبلة على فترة صعبة جدّا قد تعصف بها فتنقسم إلى " نهضتين " أم تراها ستصمد وتخرج من أزمتها بأخف الأضرار؟.

جمال المالكي

 

 

 

التعليقات

علِّق