تقلّص عددهم من 12000 إلى 4000 : الطلبة الأفارقة يهاجرون إلى المغرب بسبب تعقيدات الإدارة وتنامي العنصرية في تونس ؟

تقلّص عددهم من 12000 إلى 4000  :  الطلبة الأفارقة  يهاجرون إلى المغرب بسبب تعقيدات الإدارة وتنامي العنصرية في تونس ؟


يعتزم مجلس الأعمال  التونسي الإفريقي (Tunisia-Africa Business Council )  القيام بمبادرة  جادة للترويج للوجهة التونسية في مجال التعليم العالي والتكوين المهني بالنسبة إلى الطلبة والمتربصين الأفارقة . وتتمحور العملية الترويجية المزمع القيام بها حول مفهوم " المنتدى التونسي الإفريقي للتمكّن " (Tunisian African Empowerment Forum ) الذي ستكون له أهدافه الاستراتيجية على غرار تدويل الخبرات التونسية في مجال التعليم العالي والتكوين المهني  و توجيه  اختيارات  طلبة  البلدان الإفريقية الواقعة جنوبي الصحراء  والمتربصين واهتمامهم نحو تونس وتدعيم مناخ الثقة المتبادلة بين تونس  وإخوتها من سكان البلدان الإفريقية الواقعة جنوبي الصحراء في هذه المجالات وتطوير أرضية عمل مشترك من خلال  موقع www.campusifriqiya.com  وتثمين الخبرة التونسية في مجال التعليم العالي والتكوين المهني .
وانطلاقا من هذه المحاور يعتزم  مجلس الأعمال  التونسي الإفريقي تنظيم الدورة الأولى  لهذه التظاهرة يومي 22 و23 أوت المقبل بقصر المؤتمرات بتونس بالشراكة مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة التكوين المهني والتشغيل وجمعية الطلبة والمتربصين الأفارقة  في تونس والجامعات الخاصة ومراكز التكوين.
16 بلدا في الموعد 
وسيشهد هذا المنتدى حضور العديد من الوزراء من بلدان إفريقيا الواقعة جنوبي الصحراء وممثلين عن القطاعين العام والخاص وجمعيات قدماء أصحاب الشهائد في تونس ومكاتب  التوجيه في الخارج والشخصيات الإفريقية البارزة في الميدان .
ويشارك في المنتدى 16 بلدا إفريقيّا وهي : مالي والكامرون وموريتانيا والكوت ديفوار والغابون وتشاد والنيجر والسينغال وبوركينا فاسّو ودجيبوتي والطوغو والبينين وغينيا كوناكري وجمهورية إفريقيا الوسطى والسودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية .
وتهدف مبادرة المجلس التونسي الإفريقي للأعمال إلى إحياء صورة تونس كوجهة اختيارية لأصدقائنا الأفارقة في مجال التعليم العالي والتكوين وكذلك إلى مساندة مجهودات الحكومة  والمجتمع المدني والجامعات ومراكز التكوين من أجل بلوغ هذا الهدف  مع موفّى سنة 2018  .
عدد الطلبة يتقلّص عاما بعد عام
ولا شكّ أن هذه المبادرة  قد أتت في الوقت المناسب خاصة أن كافة الإحصاءات تشير إلى أن عدد الطلبة الأفارقة في تونس قدّ شهد خلال السنوات الأخيرة تقلّصا رهيبا إذ أصبح عددهم حوالي 4000 طالب بينما كان لا يقل عن 12000 طالب قبل بضع سنوات . ودون أدنى فلسفة باتت أطراف عديدة تدرك أسباب هذا التراجع وهي عديدة لعلّ أهمّها تنامي التعقيدات الإدارية التي كان من المفروض علينا حذفها والنزول بها إلى أدنى مستوى ممكن . ومن جملة هذه التعقيدات نسوق مثل الإقامة التي يعاني منها الكثير من الطلبة الأفارقة في تونس . فالطالب الذي يتقدّم بطلب تسوية إقامته  ( وهو قد جاء للدراسة عندنا فقط ) في شهرأوت  مثلا  ( قبل انطلاق الموسم الدراسي ) لا تعطى له شهادة الإقامة القانونية إلا في شهر سبتمبر من العام الدراسي الموالي أي أنه يبقى أكثر من سنة وهو معلّق ومقيم بصفة غير قانونية فلا يستطيع السفر إلى بلده لو أنه اضطرّ إلى ذلك ( حالة وفاة أحد أفراد عائلته مثلا ) ولا يستطيع صرف أموال قد تأتيه من عائلته ... إلى غير ذلك من الوضعيات الصعبة التي يجد الطالب نفسه فيها .
وإضافة إلى هذه التعقيدات الإدارية لاحظ الطلبة الأفارقة خلال السنوات السبع الأخيرة بالخصوص تنامي ظاهرة العنصرية في تونس من خلال العديد من المواقف الحرجة التي تعرّضوا لها . وفي المقابل لم تبذل الجهات الرسمية أي جهد للتصدّي لهذه الظاهرة أوّلا ولتقليص وقعها على الطلبة الأفارقة ثانيا .
المغرب واغتنام الفرص
وإزاء هذه الوضعيات المعقّدة أو التي عقّدناها على أنفسنا فهم المغرب " قوانين اللعبة " مثلما فهمها في الجانبين الاقتصادي والسياحي ففتح كافة الأبواب أمام الطلبة الأفارقة وقدّم لهم كافة التسهيلات وذلّل أمامهم كافة الصعوبات الإدارية التي كانت موجودة  فأقبلوا على المغرب فرادى وأفواجا ... فكانت النتيجة أن  الكثير من هذه الأفواج كانت ستأتي إلينا فأطردناها  بوعي أو بغير وعي لأن النتيجة واحدة في كلا الحالتين .
جامعات تعيش منهم ؟
منذ حوالي 20 سنة أو أكثر بدأ عدد الطلبة الأفارقة في تونس يتزايد  . وكانوا يقبلون على جامعاتنا العمومية وأيضا على الجامعات الخاصة التي لم يكن عددها آنذاك  بمثل ما هو عليه اليوم . ومع تزايد عدد الجامعات الخاصة أصبح الطالب الأجنبي عموما والإفريقي خصوصا مصدر حياة بالنسبة إلى الكثير من الجامعات . ومع الصعود المزمن للتعقيدات الإدارية المتعددة وتنامي ظاهرة العنصرية تقلّص عدد هؤلاء الطلبة وبالتالي تقلّصت عائدات الكثير من الجامعات التي باتت تبحث اليوم عن السبل الأمثل لاستعادة الطلبة الأفارقة كي يتواصل وجودها في ظروف ملائمة . وإذا كانت المبادرة في هذا السياق قد جاءت من قبل مجلس الأعمال التونسي الإفريقي والجامعات الخاصة وغيرهما فإن على الدولة التونسية أن تبرهن على حسن النيّة خلال هذا المنتدى وبعده  وأن تعلن عن عزمها على القضاء على كافة الأسباب التي أدّت إلى هذا الوضع  لعلّ ذلك سيهم في استعادة تلك " الطيور النادرة " .
جمال المالكي

التعليقات

علِّق