تدهور الوضع الصحي واكتظاظ السجون: من اجل تقليص عاجل ومكثف في عدد السجناء

تدهور الوضع الصحي واكتظاظ السجون: من اجل تقليص عاجل ومكثف في عدد السجناء

   إلى سيادة رئيس الجمهورية، وزيرة العدل بالنيابة، وزير الداخلية بالنيابة، وزير الشؤون الاجتماعية، وزير الصحة بالنيابة، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، ورئيس الهيئة العامة للسجون والإصلاح. 
 
سيدتي، سيدي،

بلغت الأزمة الصحية المرتبطة ب كوفيد-19 في الأسابيع الأخيرة في تونس اعلى مستوياتها، والتي من المرجح أن تستمر لعدة أسابيع، وفقا للتوقعات الحالية. ومع تجاوز عدد الوفيات الآن حاجز ال 000 15 حالة، والزيادة المستمرة في عدد الإصابات اليومية، وتؤكد انتشار متغير "دلتا"، يصبح التحدي في الحفاظ على صحة الجميع أكبر وأكبر. إذا يجب أن يؤدي الطابع الغير مسبوق لهذه الدرجة العالية من الإصابات والوفيات إلى اتخاذ تدابير لم يسبق لها مثيل.
أن من واجب الدولة بجميع مؤسساتها أن تواصل مساعدة فئات المجتمع الأكثر هشاشة، التي تعاني من الوباء المتفشي في البلاد منذ أكثر من عام. لذلك يعتبر المساجين من الفئات التي يجب أن تحظى باهتمام متزايد من السلطات المختصة، لأن ظروفهم المعيشية وانتشار الامراض الخطيرة تفاقم من هشاشتهم وتعرضهم أكثر للموت. كما أن اجبارهم على العيش المشترك، في مثل هذ الوضع الصحي الحرج، يبعث على كثير من القلق ويساهم في تحطيم المساجين نفسيا. وفي هذا السياق، فإن وجود ما لا يقل عن 25 شخصا رهن الاحتجاز، وفقا لمعلوماتنا، غير مسؤولين جزائيا بسبب مرضهم العقلي، وينتظرون مكانا في مستشفى للأمراض النفسية، أمر مقلق للغاية ويجب أن تعالجه وزارة الصحة على وجه السرعة.
 هذا ولا تزال البلاد تعاني من اكتظاظ رهيب، يصل إلى 194٪ في سجن سوسة على سبيل المثال ، مما يترتب على ذلك من ازدحام حقيقي للسجناء واستحالة أي احترام فعلي للتباعد الاجتماعي، وهكذا، علمت الجمعيات الموقعة بوجود عدة بؤر للعدوى في سجون مختلفة في جميع أنحاء البلاد، وتود أن تعرب عن قلقها الشديد إزاء ما سيسببه كل هذا من تسارع احتمالات انتشار الفيروس.
على الرغم من تقديرنا للجهود المبذولة من طرف وزارة الصحة والهيئة العامة للسجون والاصلاح لمحاولة احتواء انتشار الفيروس داخل جدران السجون، من خلال رسم البروتوكول الصحي واستخدام اختبارات PCR بمجرد تحديد حالة مشتبه فيها، وعزل السجناء المصابين بال COVID، فإن استمرار اكتظاظ السجون لا يسهل فعالية مجابهة سرعة انتشار الوباء. وعلاوة على ذلك، وفي ظل هذه الظروف الصعبة بشكل خاص، لا يزيد ذلك الا من الضغط على اعوان السجون.
نتذكر الجهود المبذولة للحد من اكتظاظ السجون في شهر افريل من سنة 2020، والتي أدت بفضل العفو الرئاسي والسراح الشرطي وغيرها من عمليات الإفراج عن السجناء الموقوفين تحفظيا، إلى انخفاض بنسبة 37٪ في عدد المساجين. وقد أتاح هذا الانخفاض التاريخي في عدد المساجين أيضا توفير بيئة عمل أكثر أمنا وأقل ضغطا لأعوان السجون دون تسجيل زيادة في معدل الجريمة في البلاد.

كما نحيي الجهود المبذولة للإفراج، الذي أعلن عنه في 19 جويلية  2021، المتمثل في العفو عن 443 سجينا والإفراج المشروط عن 660 آخرين، وهو ما قدر بحوالي 4٪ من إجمالي عدد الساجين. ولكن رغم ان هذا التخفيض يبدو إيجابيا الا انه في الوقت الراهن غير كاف.

واعتبار لكل هذه الملاحظات، فإننا ندعو بموجب هذه الرسالة إلى توفير جميع الوسائل اللازمة لتخفيف الاكتظاظ في السجون في أسرع وقت 

ممكن؛ منح العفو والافراج المشروط لأكبر عدد ممكن من المساجين، وضمان الحفاظ على صحة المحتجزين. كما تجدد الجمعيات الموقعة التزامها بالوقوف على أهبة الاستعداد لدعم جهود الدولة التونسية للحد من انتشار الفيروس، في اطار التزامها الدائم بتقديم المساعدة إلى الفئات الأكثر هشاشة.

ندعو اذا  السلطات إلى اتخاذ إجراء فوري بإطلاق سراح جميع المحتجزين الذين لا يشكلون خطرا على المجتمع، فانه من المهم أن نذكر أنه، على المدى المتوسط والطويل، لا يمكن أن نرضى باستمرار الاكتظاظ الهيكلي للسجون وبالتالي ظروف الاحتجاز المتردية. لذلك، فمن الضروري من الآن فصاعدا وقف اللجوء المكثف الى الإيقاف التحفظي (عدد الموقوفين تحفظيا أكثر من عدد السجناء المدانين في السجن)، والسجن لارتكاب مخالفات بسيطة، والتعجيل بتفعيل الآليات التي تسمح باستخدام أحكام بديلة عن السجن في جميع أنحاء البلاد.

ان إجراء إصلاح عميق للسياسات الجزائية والسجنية لا يمكن التعامل معه على اساس اختياري بل يجب أن يتم في أقرب وقت ممكن، خاصة وأن السجن الجماعي لا يمنع العودة إلى الإجرام ويساهم في تعميق هشاشة أسر بأكملها خاصة في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة للغاية.

ولهذه الأسباب، الإنسانية والصحية، تجدد الجمعيات الموقعة دعوتها إلى خفض مكثف وعاجل في عدد المساجين. ومن هذا المنطلق نقترح مرة أخرى تنفيذ التوصيات التالية:

إلى سيادة رئيس الجمهورية:
- منح عفو رئاسي لأكبر عدد ممكن من المساجين، مع إعطاء الأولوية للمحتجزين الذين هم في نهاية فترة عقوبتهم و/او المحكومين بالإعدام   او بالسجن المؤبد الذين قضوا عقودا طويلة وراء القضبان و/ أو الذين يعانون من هشاشة صحية متعارف عليها.

إلى السيدة وزيرة العدل بالنيابة، بالتشاور مع المجلس الأعلى للقضاء

-اصدار مذكرة عمل إلى وكلاء الجمهورية وقضاة التحقيق لوقف اللجوء إلى الايقاف التحفظي، وحثهم على الافراج دون كفالة، عن المحتجزين رهن المحاكمة بتهم بسيطة يعاقب عليها بالسجن لمدة تقل عن سنتين، مع مراعاة الفصلين 85 و86 من قانون الاجراءات الجزائية ووفقا لمبدأ قرينة البراءة المنصوص عليه في الفصل 27 من الدستور.
-    دعوة قضاة إصدار الأحكام إلى منح السراح الشرطي، دون تأخير، للمحكوم عليهم الذين يتمتعون بها وفقا للفصل 342 مكرر من مجلة الإجراءات لجزائية، وكذلك الشأن بالنسبة للسجناء في نهاية مدة عقوبتهم. 
-     إصدار مذكرة عمل لتشجيع وكلاء الجمهورية على استخدام آلية التسوية عن طريق الوساطة في المادة الجزائية، وفقا للفصل 335 مكررا وما بعده من مجلة الإجراءات الجزائية؛ وتشجع القضاة على استخدام الأحكام البديلة (العمل لفائدة المصلحة العامة والوضع تحت المراقبة الإلكترونية والتعويض الجزائي) في الحالات التي يسمح بها القانون،
- الإسراع في تبني مشاريع إصلاح المجلة الجزائية ومجلة الإجراءات الجزائية وتقديمهما إلى مجلس نواب الشعب

مواصلة الجهود الرامية الى التفعيل الكلي لمكاتب المصاحبة والعمل في الوقت ذاته على تحسيس القضاة حول اصدار الاحكام البديلة عن السجن بالتشاور مع المجلس الأعلى للقضاء.
.

إلى السيد وزير الداخلية بالنيابة:
-اصدار مرسوم الى قوات الشرطة يهدف الى تعليق طلب الاحتفاظ من وكيل الجمهورية للأشخاص الذين لا يشكلون خطرا على المجتمع. 

إلى السيد وزير الشؤون الاجتماعية ووزير الصحة بالنيابة، بالتشاور مع ادارة الصحة العمومية:
-مواصلة جهود تطعيم المساجين واعوان السجن.
-الحرص على المتابعة الصحية والاجتماعية للأشخاص المفرج عنهم بما في ذلك الرعاية الشاملة للأشخاص المعزولين و /او الذين لا يملكون مدخول وذلك لضمان الافراج عنهم بكرامة وبصفة لا تساهم في انتشار العدوى خارج السجن، 
-   تخصيص الي وفوري لأماكن في مستشفى الامراض النفسية لوضع أي شخص يعتبر غير مسؤول جزائيا بسبب مرضه العقلي بعد صدور حكم في الغرض. 

إلى السيد رئيس الهيئة العامة للسجون والاصلاح:
-توسيع نطاق تمكين المساجين من التواصل مع اسرهم عبر الهاتف والمراسلات المكتوبة خاصة الحرومين من حق الزيارة المباشرة وغير المباشرة والتفاعل مع الأطراف الخارجية.
¬ - افصاح علني ومنتظم للأرقام المتعلقة بنسب إصابة ونسب تلقيح السجناء واعوان السجون،

المنظمات والجمعيات الموقعة:
-محامون بلا حدود
-جمعية بيتي
-الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية 
-افق الطفولة 
-جمعية الحقوقيين بصفاقس 
-المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب 
-علماء النفس في العالم
-الجمعية التونسية لمكافحة الامراض المنقولة جنسيا والايدز
-منظمة مناهضة التعذيب في تونس 
-الاتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام 
-ارتقي 
-الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان     
 

التعليقات

علِّق