بين العايدي والمرايحي : أين الحقيقة ومن يريد " قطع رأس " الآخر ؟

بين العايدي والمرايحي : أين الحقيقة ومن يريد " قطع رأس " الآخر ؟

 

مع تواصل الجدل حول فضيحتي اللوالب منتهية الصلوحية والبنج الفاسد تتواصل " الحرب " بين الدكتور لطفي المرايحي رئيس حزب الإتحاد الشعبي الجمهوري وسعيد العايدي وزير الصحة العمومية . الأول ما زال مصرّا على أن ما يحدث عمل إجرامي وراءه عصابات ومافيا وعلى أن " العقوبات " التي اتخذتها وزارة الصحة لا وزن لها ولا ترتقي إلى مستوى الردع أو الجزاء الذي يتناسب مع الجرم المقترف .
 
أما الثاني أي الوزير فهو مصرّ على أن المرايحي " يضرّ من خلال تصريحاته بقطاع الصحة في تونس " ويستهدفه شخصيا. وبين هذا الطرف وذاك قد تضيع الحقيقة التي يطلبها المواطن بكل شفافية وبكل وضوح . وفي هذه " المعمعة " استمعت إلى مختلف التصريحات وإلى الكثير من " البلاتوهات " التي تناولت هذا الموضوع ... استمعت إلى ما قاله المرايحي وإلى ما قاله العايدي وما قالته مديرة إدارة الدواء بالوزارة وما قاله ممثل الوزارة في نفس الموضوع.
 
وبقدر ما كان الدكتور المرايحي واضحا في تدخلاته ودقيقا في وصف ما حدث كانت إجابات ممثلي الوزارة انفعالية ويغلب على بعضها طابع اللغة الخشبية المعتادة . وبناء على ذلك أميل شخصيّا ويميل آلاف التونسيين بالتأكيد إلى تصديق المرايحي لعدّة أسباب لعلّ أهمّها أنه ابن ميدان ويدرك جيّدا ما يقول وخاصة لأن كافة المتحدثين باسم الوزارة لم يقنعوا في دفاعهم عنها . وهنا أحرص على التأكيد على أن هذا لا يعني أننا نوجّه اتهاما للوزير لا بالتواطؤ ولا بالتقصير. فهذا الرجل ليس ابن ميدان الصحة أو الطب أو الصيدلة . لذلك يبدو أنهم " غلّطوه " لأن من السهل جدّا أن تقع مغالطة أي شخص لا يكون ملمّا بالميدان الذي يعمل فيه . وإذا علمنا أن ميدان الصحة والأدوية بحر تسبح فيه العديد من الحيتان التي لا تهمّها مصلحة البلاد ولا مصلحة العباد بما أنها تعبد الدينار والدولار فإنه من السهل عليها وعلى المتعاملين والمتواطئين معها من أبناء الميدان أن يعملوا ما يشاؤون طالما أنهم يعرفون أن الردع مفقود وأن أقسى العقوبات وأقصاها توبيخ أو غلق لمدّة 3 أشهر مثلما فعلت الوزارة.
 
ولعلّنا هنا لا نبالغ إذا قلنا إن الدكتور المرايحي على حق وإن الوزير مخطىء . فالمرايحي لم يطالب بالمستحيل إذا طالب الوزير باتخاذ قرار فوري من باب الوقاية وهو منع توريد كافة ما يتعلّق بالأجهزة الطبية والأدوية وما شابه ذلك إلا من خلال هيكل واحد وهو الصيدلية المركزية.
 
وبهذا الشكل يمكن حصر كل شيء وكشف أي إخلال يمكن أن يحدث في انتظار تنقيح القوانين ومعرفة ما ستؤول إليه التحقيقات القضائية . وعوض أن يبدي استعداده للإستجابة إلى هذا المطلب الذي لا نرى أنه مطلب شخصي للمرايحي ما زال الوزير يصرّ على أن الدكتور المرايحي يستهدفه شخصيّا ويستهدف قطاع الصحة في تونس من خلال مواقفه وتصريحاته . وليت الوزير يعلم أن القطاع تصدّع وأن المواطن يكاد يفقد كلّيا ثقته في الوزارة وكافة المشرفين على الصحة في البلاد . وليته يعمل قبل كل شيء على استعادة هذه الثقة فقط من خلال إجراءات شجاعة ورادعة وعاجلة لا تخاف من الحيتان ولا تحسب لهم أي حساب وأوّل هذه الإجراءات غلق باب التوريد أمام الحيتان المجرمة وجعله حصرا وحكرا على الصيدلية المركزية وهي المؤسسة الوطنية التي لا نظنّ أنها ستساعد الحيتان على التمادي في الإجرام ... فهل هذا صعب سيدي الوزير؟؟.
 
جمال المالكي 

 

التعليقات

علِّق