" بير- ماتيو " بدوز : قصّة سائح فرنسي صنعت عائلته من الموت الحياة !

" بير- ماتيو " بدوز : قصّة سائح فرنسي صنعت عائلته من الموت الحياة !

 

قصة مؤثرة نرويها لعائلة فرنسية أصيلة منطقة "هييريس " التي تبعد 16 كلم عن مدينة " طولون "  المطلة على البحر الابيض المتوسط ، هذه العائلة تتكون من الأب " ايريك سانشاز " الذي يعمل رجل إطفاء وزوجته " ماري تيريز " و ابنهما الوحيد " ماتيو " .
العائلة الفرنسية تعوّدت على زيارة تونس بصفة دورية ومستمرة وتحديدا للصحراء بالجنوب التونسي وذلك للتمتع بالمناظر الطبيعية الساحرة ودفئ المنطقة وتصوير مشاهد غروب الشمس ، ولم تنسى عائلة " سانشاز " مكافأة أهالي المناطق الصحراوية  على كرمهم من خلال منحهم العديد من المساعدات المادية التي كانت تجلبها من الجمعيات الخيرية الفرنسية .
" عائلة " سانشاز " كانت محبوبة ومعروفة لدى اهالي دوز بسبب سخائهم وتواضعهم وحبهم للتونسيين .
ولكن يوم 4 ماي 2015 تغيّرت حياة العائلة بعد حدوث مأساة ، حيث تعرض ابنهما الوحيد " ماتيو " الى حادث مرور فقد بسببه حياته جرّاء انقلاب سيارة رباعية الدفع التي كان يركبها حيث تحطمت بين الكثبان الرملية وتحديدا بمنطقة " خشم المعاقل " بمنطقة دوز التابعة لولاية قبلي.
وقد بكى جميع الاهالي وايضا المرشدين السياحيين " ماتيو " لمعرفتهم بخصاله وأخلاقه العالية وروح الدعابة التي كان يتميز بها ، ورغم محاولاتهم مواساة عائلة الضحية والتخفيف من هول الصدمة الا ان العائلة " سانشاز " لم تصدّق ان ابنهم الوحيد قد فارق الحياة في الصحراء التونسية وظلّت الفاجعة تسكنهم لاسابيع طويلة .
بعد أيام قررت العائلة تخليد اسم ابنهم  وذكرى وفاته في المنطقة التي فارق فيها الحياة ، لكن ليس بوضع تمثال او لافتة لكن بطريقة تساهم في صنع الحياة وتجلب له ولعائلته الاحترام .
وقد قررت العائلة حفر بئر يحمل اسم ابنهم الفقيد " بير ماتيو " لتزويد سكان المنطقة  بالمياه وكل من يمرّ بالمكان بمن فيهم الحيوانات وذلك في رسالة منهم بأن " الموت يصنع الحياة " ،  وبالتوازي مع ذلك أطلقت عائلة الشاب الفقيد حملة لجمع التبرعات لبناء البئر ثم نظّمت  سلسلة من اللقاءات مع نواب البرلمان الفرنسي الذين يمثلون جهتهم ولقاءات اخرى مع اعضاء بلدية " طولون " وبعد الجمعيات الانسانية للحصول على الدعم القانوني والمادي لحفر البئر التي تتطلب اموالا كبيرة ، فضلا عن مصاريف المهندسين والالات وغيرها .
اثر الحصول على الاموال عادت عائلة " سانشاز " الى تونس لاختيار مكان البئر وامضاء العقود الضرورية ولقاء المسؤولين بالجهة ، وبعد أيام صار الحلم حقيقة بعد الانتهاء من تشييد " بير ماتيو " الذي صار يوفّر المياه العذبة والصالحة للشراب لجميع العابرين .
ومن المؤكد ان كل من سيمرّ من المكان سيتفكرّ قصة هذا الشاب الفرنسي  " ماتيو " ولن يذكره إلا بالخير ، وقد يكون البئر خطوة اولى لبناء قرية ومنازل بالمنطقة التي عادت فيها الروح بعد ان كانت صحراء قاحلة .

الحصري
 

التعليقات

علِّق