بنزرت: رغم الصعوبات مهرجان خميس ترنان للمالوف و الموسيقى المتوسطية يعانق الروعة و الإبداع

 بنزرت: رغم الصعوبات مهرجان خميس ترنان للمالوف و الموسيقى المتوسطية يعانق الروعة و الإبداع

سدل الستار أمس الأحد على فعاليات الدورة الثانية من مهرجان خميس ترنان للمالوف و الموسيقى المتوسطية بعد إحتجاب دام ثلاث سنوات كاملة بسبب جائحة الكوفيد التي عاشتها بلادنا مثل سائر بلدان العالم بالإضافة لغياب الموارد المالية و الدعم على جمعية المهرجان.

دورة إستثنائية ناجحة على جميع المستويات و خاصة على المستوى التنظيمي حيث لم تدع إدارة المهرجان برئاسة الفنان محمد موحى شاردة و لا واردة إلا و قرأت لها ألف حساب سعيا منها لإستمرارية تواجد هذا النوع من الفنون "فن المالوف" و المحافظة على الموروث الثقافي في زمن أصبح للفن المرتذل المليء بالعبارات النابية مكان.

ورغم قلة ذات اليد خيرت إدارة المهرجان أن تكون كل العروض مجانية و مثلما أسلفنا الذكر في مقال سابق فكل العروض التي أثثت لهذه الدورة مدعومة من قبل وزارة الإشراف و المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بولاية بنزرت.

و يمكن القول أن هذا المهرجان ترك بصمته و نحت إسمه بأحرف من ذهب رغم أنه تواصل لأيام معدودات فقط إستمتعت خلالها الجماهير الحاضرة بأجمل أغاني المالوف و الأغاني الصوفية.

ستة عروض أثثت هذه الدورة ثلاثة منها كان المركب الثقافي الشيخ إدريس ببنزرت مسرحا لها و هي عرض الإفتتاح بعنوان "غني ياترنان" لفرقة أكاديمية خميس ترنان للمالوف و الذي تم خلاله تكريم الفنان القدير فيصل رجيبة حامل إسم الدورة الحالية في مشهد مؤثر للغاية حيث غلبته دموعه أثناء تكريمه ثم أدى بكل إتقان جزءا من أغنية "تكويت وماقلت أحيت" للراحل علي الرياحي.

وبالمناسبة نتمنى الشفاء العاجل للفنان فيصل رجيبة الذي خضع خلال الأيام القليلة الفارطة إلى تدخل جراحي على مستوى القلب.

وكان العرض الثاني بنفس الفضاء بعنوان "أيها المولع" لمجموعة الفنان محرز خليل صحبة شيوخ المالوف و هو عرض راقي إلى أبعد الحدود.

وكذلك عرض الإختتام أمس الأحد و الذي حمل عنوان "نحن الخضراء" لفرقة نادي خميس ترنان بقيادة الفنانين يوسف اللزام و فاروق السلاوي في مراوحة بين الخبرة و الطموح فكان مزيجا في غاية الروعة.

هذا بالإضافة لعروض خارجية بفضاء المرسى العتيق لتمتزج الصورة بين روعة المكان و أجود الأصوات و خاصة عرض "تخميرة بنزرت" للفنان يسري مقداد الذي إستقطب الآلاف المؤلفة من الجماهير التي إستمتعت طوال أكثر من ساعتين من الزمن بعرض فني من أرقى ما يكون و يعتبر مفخرة لولاية بنزرت حسب أهل الإختصاص دون أن ننسى كذلك عرض "بالتونسي" للمايسترو الشاب مهدي السويحلي الذي أمتع الجماهير الغفيرة الحاضرة طوال أكثر من ثلاث ساعات بأجمل الأغاني و الموشحات التونسية أثثها خيرة من أفضل الأصوات الشبابية البنزرتية.

ومثل عرض "غسق" بقيادة الفنان الشاب علي الغربي أولى العروض الخارجية التي حضرها جمهور محترم العدد بقيت لديه إنطباعات طيبة على العرض الذي تواصل على مدى ساعة من الزمن إستمتع خلالها الحضور بنوع جديد من الأغاني منها الملتزمة و التونسية بإيقاع جديد و متجددة.

وخلاصة يمكن القول أن المثل الشهير القائل "يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر" ينطبق على مهرجان خميس ترنان للمالوف و الموسيقى المتوسطية حين نرى مهرجانات ضخمة بميزانيات كبيرة يكون مآلها الفشل و هذا المهرجان بميزانية ضعيفة حقق نجاحا كبيرا.

وسيبدأ العمل من الآن على الإستعداد للدورة القادمة و سيتم وضع اليد في اليد مع كل غيور على القطاع الثقافي في بنزرت و على رأسهم مديرة مهرجان ليالي المدينة ببنزرت السيدة زمردة شتوان حسب ما أفادنا به مدير المهرجان الفنان محمد موحى الذي تحدث كذلك عن الصعوبات و العراقيل و المتمثلة أساسا في نفور و غياب المدعمين على دعم القطاع الثقافي بالإضافة لمطالبة إحدى الجمعيات و هي جمعية صيانة المدينة بضرورة دفع مبلغ مالي يعتبر تعجيزيا مقابل توفير فضاء لائق وهو فضاء "سيدي جلول" التابع لها لإقامة هذه الدورة لينعدم الإحساس بالضائقة المالية التي يعاني هذا المهرجان الفتي لتجد إدارته ضالتها في المركب الثقافي الشيخ إدريس الذي وفره لها مديره السيد بشير القمودي بصفة مجانية.

محمد الزرعي

التعليقات

علِّق